الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلَا تَبْطُلُ بِالْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ بَعْدَهَا عَلَى الْمَذْهَبِ. وَحُكِيَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ بُطْلَانُهَا، وَوُجُوبُ تَجْدِيدِهَا. وَأَنْكَرَ ابْنُ الصَّبَّاغِ نِسْبَةَ هَذَا إِلَى أَبِي إِسْحَاقَ، وَقَالَ الْإِمَامُ: رَجَعَ أَبُو إِسْحَاقَ عَنْ هَذَا عَامَ حَجَّ، وَأَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ. فَإِنْ ثَبَتَ أَحَدُ هَذَيْنِ، فَلَا خِلَافَ فِي الْمَسْأَلَةِ.
وَلَوْ نَوَى وَنَامَ وَانْتَبَهَ وَاللَّيْلُ بَاقٍ، لَمْ يَجِبْ تَجْدِيدُ النِّيَّةِ عَلَى الصَّحِيحِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَفِي كَلَامِ الْعِرَاقِيِّينَ تَرَدُّدٌ فِي كَوْنِ الْغَفْلَةِ، كَالنَّوْمِ، وَكُلُّ ذَلِكَ مُطْرَحٌ.
فَرْعٌ
يَصِحُّ صَوْمُ النَّفْلِ بِنِيَّةٍ قَبْلَ الزَّوَالِ. وَقَالَ الْمُزَنِيُّ وَأَبُو يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: لَا يَصِحُّ إِلَّا مِنَ اللَّيْلِ، وَهَلْ يَصِحُّ بَعْدَ الزَّوَالِ؟ قَوْلَانِ.
أَظْهَرُهُمَا وَهُوَ الْمَنْصُوصُ فِي مُعْظَمِ كُتُبِهِ: لَا يَصِحُّ. وَفِي حَرْمَلَةَ: أَنَّهُ يَصِحُّ.
قُلْتُ: وَعَلَى نَصِّهِ فِي حَرْمَلَةَ: يَصِحُّ فِي جَمِيعِ سَاعَاتِ النَّهَارِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ إِذَا نَوَى قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ، وَصَحَّحْنَاهُ، فَهَلْ هُوَ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ حَتَّى يَنَالَ ثَوَابَ جَمِيعِهِ، أَمْ مِنْ وَقْتِ النِّيَّةِ؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ: أَنَّهُ صَائِمٌ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ. كَمَا إِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ فِي الرُّكُوعِ، يَكُونُ مُدْرِكًا لِثَوَابِ جَمِيعِ الرَّكْعَةِ.
فَإِذَا قُلْنَا بِهَذَا، اشْتُرِطَ جَمِيعُ شُرُوطِ الصَّوْمِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَإِذَا قُلْنَا: يُثَابُ مِنْ حِينِ النِّيَّةِ، فَفِي اشْتِرَاطِ خُلُوِّ الْأَوَّلِ عَنِ الْأَكْلِ وَالْجِمَاعِ وَجْهَانِ.
الصَّحِيحُ: الِاشْتِرَاطُ، وَالثَّانِي: لَا، وَيُنْسَبُ إِلَى ابْنِ سُرَيْجٍ، وَأَبِي زَيْدٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ جَرِيرٍ الطَّبَرِيِّ.
وَهَلْ يُشْتَرَطُ خُلُوُّ أَوَّلِهِ عَنِ الْكُفْرِ وَالْحَيْضِ وَالْجُنُونِ، أَمْ يَصِحُّ صَوْمُ مَنْ أَسْلَمَ، أَوْ أَفَاقَ، أَوْ طَهُرَتْ مِنَ الْحَيْضِ ضَحْوَةً؟ وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا: الِاشْتِرَاطُ.