فَغَيْرُ مَقْبُولٍ، بَلْ لَا يَجُوزُ وَإِنْ خَلَا عَنِ الْقَصْدِ الْفَاسِدِ. وَالْكَلَامُ فِيمَا إِذَا لَمْ يَعْلَمِ الْوَاجِدُ أَنَّهَا مُحْتَرَمَةٌ، وَحِينَئِذٍ فَقَوْلُ صَاحِبِ «الْمُهَذَّبِ» : الْإِرَاقَةُ وَاجِبَةٌ - يَعْنِي عَلَى الْوَاجِدِ - كَلَامٌ صَحِيحٌ، لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ احْتِرَامِهَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّامِنَةُ: قَدْ سَبَقَ أَنَّ الْبَعِيرَ وَمَا فِي مَعْنَاهُ، لَا يُلْتَقَطُ إِذَا وُجِدَ فِي الصَّحْرَاءِ، وَاسْتَثْنَى صَاحِبُ التَّلْخِيصِ مَا إِذَا وَجَدَ بَعِيرًا فِي أَيَّامِ مِنًى مُقَلَّدًا فِي الصَّحْرَاءِ تَقْلِيدَ الْهَدَايَا، فَحَكَى عَنْ نَصِّ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أَنَّهُ يَأْخُذُهُ وَيُعَرِّفُهُ أَيَّامَ مِنًى. فَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ النَّحْرِ، نَحَرَهُ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَعَهُ إِلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَأْمُرَهُ بِنَحْرِهِ. وَحَكَى غَيْرُهُ قَوْلًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَخْذُهُ. وَبَنَوُا الْقَوْلَيْنِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِيمَنْ وَجَدَ بَدَنَةً مَنْحُورَةً قَدْ غَمَسَ نَعْلَهَا فِي دَمِهَا، وَضَرَبَ بِهِ صَفْحَتَهَا، هَلْ يَجُوزُ الْأَكْلُ مِنْهَا؟ فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، مَنَعْنَا الْأَخْذَ هُنَا. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ اعْتِمَادًا عَلَى الْعَلَامَةِ، فَكَذَا هُنَا التَّقْلِيدُ عَلَامَةٌ. وَالْأُضْحِيَّةُ الْمُعَيَّنَةُ إِذَا ذُبِحَتْ فِي وَقْتِ النَّحْرِ، وَقَعَتِ الْمَوْقِعَ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ صَاحِبُهَا، قَالَ الْإِمَامُ: لَكِنَّ ذَبْحَ الْأُضْحِيَّةِ إِنْ وَقَعَ الْمَوْقِعَ، لَا يَجُوزُ الْإِقْدَامُ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ إِذْنٍ، وَلِهَذَا الْإِشْكَالِ قَالَ الْقَفَّالُ تَفْرِيعًا عَلَى [هَذَا] الْقَوْلِ يَجِبُ رَفْعُ الْأَمْرِ إِلَى الْقَاضِي لِيَنْحَرَهُ، وَأَوَّلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: اسْتُحِبَّ. ثُمَّ لَكَ أَنْ تَقُولَ: الِاسْتِثْنَاءُ غَيْرُ مُنْتَظِمٍ، وَإِنْ جَوَّزْنَا الْأَخْذَ، لِأَنَّ الْأَخْذَ الْمَمْنُوعَ إِنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ لِلتَّمَلُّكِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذَا الْبَعِيرَ لَا يُؤْخَذُ لِلتَّمَلُّكِ.
قُلْتُ: قَدْ سَبَقَ فِي جَوَازِ أَخْذِ الْبَعِيرِ لِآحَادِ النَّاسِ لِلْحِفْظِ وَجْهَانِ. فَإِنْ مَنَعْنَاهُ، ظَهَرَ الِاسْتِثْنَاءُ. وَإِنْ جَوَّزْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَفَائِدَةُ الِاسْتِثْنَاءِ جَوَازُ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِالنَّحْرِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute