الْكُفَّارِ بِالْقَهْرِ وَإِيجَافِ خَيْلٍ وَرِكَابٍ، وَالْفَيْءُ: مَا حَصَلَ مِنْهُمْ بِلَا قِتَالٍ، وَإِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ شِرْذِمَةٌ دَارَ الْحَرْبِ مُسْتَخْفِينَ، وَأَخَذُوا مَالًا عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْغَزَالِيُّ، وَادَّعَى الْإِمَامُ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ الْمَعْرُوفُ: أَنَّهُ مِلْكُ مَنْ أَخَذَهُ خَاصَّةً، وَالْأَصَحُّ الْمُوَافِقُ لِكَلَامِ الْجُمْهُورِ: أَنَّهُ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَقَدْ قَالَ الْأَصْحَابُ: لَوْ غَزَتْ طَائِفَةٌ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ مُتَلَصِّصِينَ وَأَخَذَتْ مَالًا، فَهُوَ غَنِيمَةٌ مُخَمَّسَةٌ، وَفِي «التَّهْذِيبِ» أَنَّ الْوَاحِدَ إِذَا دَخَلَ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَخَذَ مَالَ حَرْبِيٍّ بِقِتَالٍ، أُخِذَ مِنْهُ الْخُمُسُ، وَالْبَاقِي لَهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ عَلَى جِهَةِ السَّوْمِ، ثُمَّ جَحَدَهُ، أَوْ هَرَبَ، فَهُوَ لَهُ، وَلَا يُخَمَّسُ، وَهَذِهِ الصُّورَةُ قَرِيبَةٌ مِنَ السَّرِقَةِ، وَالْمَأْخُوذُ عَلَى صُورَةِ اخْتِلَاسٍ كَالْمَأْخُوذِ عَلَى صُورَةِ السَّرِقَةِ، وَقَالَ صَاحِبُ الْحَاوِي: هُوَ غَنِيمَةٌ، وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ أَنَّهُ فَيْءٌ، لِأَنَّهُ بِغَيْرِ إِيجَافِ خَيْلٍ، وَلْيَكُنِ الْوَجْهُ الْقَائِلُ بِاخْتِصَاصِ السَّارِقِ وَالْمُخْتَلِسِ مَخْصُوصًا بِمَا إِذَا دَخَلَ وَاحِدٌ أَوْ نَفَرٌ يَسِيرٌ دَارَ الْحَرْبِ، وَأَخَذُوا، فَأَمَّا إِذَا أَخَذَ بَعْضُ الْجَيْشِ بِسَرِقَةٍ أَوِ اخْتِلَاسٍ، فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ غُلُولًا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ الرُّويَانِيَّ نَقَلَ أَنَّ مَا يَهْدِيهِ الْكَافِرُ إِلَى الْإِمَامِ، أَوْ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْحَرْبُ قَائِمَةٌ، لَا يَمْلِكُهُ الْمُهْدَى إِلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِذَا لَمْ يَخْتَصَّ الْمُهْدَى إِلَيْهِ بِالْهَدِيَّةِ، فَأَوْلَى أَنْ لَا يَخْتَصَّ سَارِقٌ بِمَسْرُوقٍ.
فَرْعٌ
الْمَالُ الضَّائِعُ الَّذِي يُؤْخَذُ فِي دَارِهِمْ عَلَى هَيْئَةِ اللَّقِيطَةِ، إِنْ كَانَ مِمَّا يُعْلَمُ أَنَّهُ لِلْكُفَّارِ، فَالصَّحِيحُ الْمَنْصُوصُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ: أَنَّهُ غَنِيمَةٌ، لَا يَخْتَصُّ بِهِ الْآخِذُ، وَقَالَ الْإِمَامُ والْغَزَالِيُّ: هُوَ لِمَنْ أَخَذَهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمَسْرُوقَ لِمَنْ أَخَذَهُ، فَإِنْ أَمْكَنَ كَوْنُهُ لِلْمُسْلِمِينَ، بِأَنْ كَانَ هُنَاكَ مُسْلِمُونَ، أَوْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ضَالَّةَ بَعْضِ الْجَيْشِ، وَجَبَ تَعْرِيفُهُ، ثُمَّ بَعْدَهُ يَعُودُ خِلَافُ الْجُمْهُورِ وَالْإِمَامِ فِي أَنَّهُ غَنِيمَةٌ أَمْ لِلْآخِذِ؟ وَأَمَّا صِفَةُ التَّعْرِيفِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute