فَرْعٌ
لَوْ ظَفَرْنَا بِكُتُبٍ لَهُمْ مِمَّا يَحِلُّ الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَطِبٍّ وَشِعْرٍ وَلُغَةٍ وَحِسَابٍ وَتَوَارِيخَ، فَلَهَا حُكْمُ سَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَتُبَاعُ أَوْ تُقَسَّمُ، وَمَا حَرُمَ الِانْتِفَاعُ بِهِ، كَكُتُبِ الْكُفْرِ وَالْهَجْوِ وَالْفُحْشِ الْمَحْضِ، لَمْ يُتْرَكْ بِحَالِهِ بَلْ إِنْ كَانَ فِي رَقٍّ أَوْ كَاغِدٍ ثَخِينٍ وَأَمْكَنَ غَسْلُهُ، غُسِلَ، ثُمَّ هُوَ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ، أُبْطِلَتْ مَنْفَعَتُهُ بِتَمْزِيقٍ، ثُمَّ الْمُمَزَّقُ كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ، وَعَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ أَنَّهَا تُمَزَّقُ أَوْ تُحْرَقُ، وَضَعَّفُوا الْإِحْرَاقَ لِمَا فِيهِ مِنَ التَّضْيِيعِ، لِأَنَّ لِلْمُمَزَّقِ قِيمَةً وَإِنْ قَلَّتْ، وَكُتُبُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ مِمَّا يَحْرُمُ الِانْتِفَاعُ بِهِ، لِأَنَّهُمْ بَدَّلُوا وَغَيَّرُوا، وَإِنَّمَا نُقِرُّهَا فِي أَيْدِيهِمْ كَمَا نُقِرُّ الْخَمْرَ.
إِذَا دَخَلْنَا دَارَهُمْ غُزَاةً، قَتَلْنَا الْخَنَازِيرَ، وَأَرَقْنَا الْخُمُورَ، وَتُحْمَلُ ظُرُوفُهَا إِلَّا أَنْ لَا تَزِيدَ قِيمَتُهَا عَلَى مُؤْنَةِ حَمْلِهَا، فَنُتْلِفُهَا، وَإِنْ وَقَعَ كَلْبٌ يُنْتَفَعُ بِهِ لِلِاصْطِيَادِ أَوْ لِلْمَاشِيَةِ وَالزَّرْعِ، فَحَكَى الْإِمَامُ عَنِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إِلَى وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، لِعِلْمِهِ بِحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَلَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَاعْتَرَضَ بِأَنَّ الْكَلْبَ مُنْتَفَعٌ بِهِ، فَلْيَكُنْ حَقُّ الْيَدِ فِيهِ لِجَمِيعِهِمْ، كَمَا أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ كَلْبٌ لَا يَسْتَبِدُّ بِهِ بَعْضُ الْوَرَثَةِ، وَالْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ إِنْ أَرَادَهُ بَعْضُ الْغَانِمِينَ، أَوْ أَهْلُ الْخُمُسِ وَلَمْ يُنَازِعْهُ غَيْرُهُ، سُلِّمَ إِلَيْهِ، وَإِنْ تَنَازَعُوا، فَإِنْ وَجَدْنَا كِلَابًا وَأَمْكَنَتِ الْقِسْمَةُ عَدَدًا، قَسَّمَ، وَإِلَّا أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ، وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَقَدْ سَبَقَ فِي الْوَصِيَّةِ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عِنْدَ مَنْ يَرَى لَهَا قِيمَةً، وَتُعْتَبَرُ مَنَافِعُهَا فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ بِهِ هُنَا.
الطَّرَفُ الرَّابِعُ فِي الِاغْتِنَامِ
قَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ قَسْمِ الْغَنِيمَةِ أَنَّ الْغَنِيمَةَ: الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute