الْأَظْهَرِ أَوِ الْأَصَحِّ، وَفِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ مِنْ جِهَةِ الْأَبِ أَوْجُهٌ، ثَالِثُهَا: يَجُوزُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَجْدَادِ دُونَ الْجَدَّاتِ، لِأَنَّهُنَّ أَصْلَحُ لِلتَّرْبِيَةِ، وَلَا يَحْرُمُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْمَحَارِمِ، كَالْأَخِ وَالْعَمِّ وَغَيْرِهِمَا، عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: هُمْ كَالْأَبِ، وَلَوْ كَانَ لَهُ أَبَوَانِ، حَرُمَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأَبِ، وَيَجُوزُ التَّفْرِيقُ لِلضَّرُورَةِ، مِثْلَ أَنْ تَكُونَ الْأُمُّ حُرَّةً، فَيَجُوزُ بَيْعُ الْوَلَدِ، وَلَوْ كَانَتِ الْأُمُّ لِوَاحِدٍ وَالْوَلَدُ لِآخَرَ، فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا بَيْعُ مِلْكِهِ مُنْفَرِدًا، وَقَدْ سَبَقَ فِي كِتَابِ الْبَيْعِ أَنَّ التَّحْرِيمَ هَلْ يَنْتَهِي لِسِنِّ التَّمْيِيزِ أَمْ يَبْقَى إِلَى الْبُلُوغِ؟ قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: الْأَوَّلُ.
الطَّرَفُ الثَّالِثُ فِي إِتْلَافِ أَمْوَالِهِمْ
إِنِ احْتَاجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى إِتْلَافِ أَمْوَالِ الْكُفَّارِ، كَتَخْرِيبِ بِنَاءٍ، وَقَطْعِ شَجَرٍ، لِيَكُفُّوا عَنِ الْقِتَالِ أَوْ لِيَظْفَرُوا بِهِمْ، فَلَهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا، نُظِرَ إِنْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِمْ حُصُولُ ذَلِكَ الْمَالِ لِلْمُسْلِمِينَ، جَازَ إِتْلَافُهُ مُغَايَظَةً لَهُمْ وَتَشْدِيدًا عَلَيْهِمْ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ حُصُولُهُ، كُرِهَ الْإِتْلَافُ، وَلَا يَحْرُمُ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا إِذَا دَخَلَ الْإِمَامُ دَارَهُمْ مُغَيِّرًا وَلَمْ يُمْكِنْهُ الِاسْتِقْرَارُ فِيهَا، فَأَمَّا إِذَا فَتَحَهَا قَهْرًا، فَيَحْرُمُ التَّخْرِيبُ وَالْقَطْعُ، لِأَنَّهَا صَارَتْ غَنِيمَةً، وَكَذَا لَوْ فَتَحَهَا صُلْحًا عَلَى أَنْ تَكُونَ لَنَا، أَوْ لَهُمْ، وَلَوْ غَنِمَا أَمْوَالَهُمْ وَانْصَرَفْنَا، وَخِفْنَا الِاسْتِرْدَادَ، فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ حَيَوَانٍ، جَازَ إِتْلَافُهَا، لِئَلَّا يَأْخُذُوهَا فَيَتَقَوَّوْا بِهَا، وَأَمَّا الْحَيَوَانُ، فَإِنْ قَاتَلُونَا عَلَيْهِ وَاحْتَجْنَا فِي الْقِتَالِ إِلَى عَقْرِهِ لِدَفْعِهِمْ أَوْ لِلظَّفَرِ بِهِمْ، جَازَ، وَإِنْ غَنِمْنَا خَيْلَهُمْ وَمَاشِيَتَهُمْ، وَلَحِقُونَا وَخِفْنَا الِاسْتِرْدَادَ، أَوْ ضَعُفَ بَعْضُهَا، وَتَعَذَّرَ سَوْقُهَا، لَمْ يَجُزْ عَقْرُهَا وَإِتْلَافُهَا، لَكِنْ تُذْبَحُ لِلْأَكْلِ، وَإِنْ خِفْنَا أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ الْخَيْلَ، وَيُقَاتِلُونَنَا عَلَيْهَا، وَيَشْتَدُّ الْأَمْرُ، جَازَ إِتْلَافُهَا، وَلَوْ لَحِقُونَا وَمَعَنَا نِسَاؤُهُمْ وَصِبْيَانُهُمْ، وَخِفْنَا اسْتِرْدَادَهُمْ، لَمْ يَجُزْ قَتْلُهُمْ قَطْعًا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute