مُسْتَأْمَنًا، فَجَاءَ وَرَثَتُهَا يَطْلُبُونَ مَهْرَهَا، لَمْ يَكُنْ لَهُمْ شَيْءٌ، وَلِلْأَصْحَابِ طَرِيقَانِ، أَحَدُهُمَا: فِيهِمَا قَوْلَانِ، أَظْهَرُهُمَا: يَبْقَى الِاسْتِحْقَاقُ، وَعَلَى هَذَا تُبْتَنَى قَوَاعِدُ نِكَاحِ الْمُشْرِكَاتِ، وَالثَّانِي: الْمَنْعُ، لِأَنَّهُ يَبْعُدُ أَنْ يُمَكَّنَ الْحَرْبِيُّ مِنْ مُطَالَبَةِ مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ، وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَحَمْلُ النَّصِّ الثَّانِي عَلَى مَنْ أَصْدَقَهَا خَمْرًا، وَقَبَضَتْهُ فِي الْكُفْرِ، وَلَوْ أَتْلَفَ حَرْبِيٌّ مَالًا عَلَى حَرْبِيٍّ، أَوْ غَصَبَهَ، ثُمَّ أَسْلَمَا، أَوْ أَسْلَمَ الْمُتْلِفُ، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا: لَا يُطَالِبُهُ بِالضَّمَانِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ شَيْئًا، وَالْإِسْلَامُ يَجُبُّ مَا قَبْلَهُ، وَالْإِتْلَافُ لَيْسَ عَقْدًا يُسْتَدَامُ، وَلِأَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ قَهَرَ حَرْبِيًّا عَلَى مَالِهِ مَلَكَهُ، وَالْإِتْلَافُ نَوْعٌ مِنَ الْقَهْرِ، وَلِأَنَّ إِتْلَافَ مَالِ الْحَرْبِيِّ لَا يَزِيدُ عَلَى إِتْلَافِ مَالِ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ الضَّمَانَ عَلَى الْحَرْبِيِّ، وَالثَّانِي: يُطَالَبُ، لِأَنَّهُ لَازِمٌ عِنْدَهُمْ، فَكَأَنَّهُمْ تَرَاضَوْا عَلَيْهِ، وَيَزِيدُ عَلَى هَذَا مَا نُقِلَ عَنِ الْقَاضِي حُسَيْنٍ أَنَّ الْحَرْبِيَّ لَوْ جَنَى عَلَى مُسْلِمٍ، فَاسْتُرِقَّ، فَأَرْشُ الْجِنَايَةِ فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا إِخْلَالٌ مِنْ نَاقِلٍ، أَوْ هَفْوَةٌ مِنَ الْقَاضِي.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ: إِذَا سُبِيَتِ امْرَأَةٌ وَوَلَدُهَا الصَّغِيرُ، لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ، بَلْ يُقَوِّمُهُمَا، فَإِنْ وَافَقَتْ قِيمَتُهُمَا نَصِيبَ أَحَدِ الْغَانِمِينَ، جَعَلَهُمَا لَهُ، وَإِلَّا اشْتَرَكَ فِيهِمَا اثْنَانِ، أَوْ بَاعَهُمَا، وَجَعَلَ ثَمَنَهُمَا فِي الْمَغْنَمِ، فَإِنْ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا فِي الْقِسْمَةِ، فَفِي صِحَّتِهَا قَوْلَانِ كَمَا سَبَقَ فِي الْبَيْعِ، فَإِنْ صَحَّحْنَا، فَعَنْ صَاحِبِ «الْحَاوِي» أَنَّ الْمُتَبَايِعَيْنِ لَا يُقَرَّانِ عَلَى التَّفْرِيقِ، بَلْ يُقَالُ لَهُمَا: إِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِبَيْعِ الْآخَرِ لِيَجْتَمِعَا فِي الْمِلْكِ، فَذَاكَ، وَإِلَّا فَسَخْنَا الْبَيْعَ، وَقَالَ ابْنُ كَجٍّ: يُقَالُ لِلْبَائِعِ: يَتَطَوَّعُ بِتَسْلِيمِ الْآخَرِ، أَوْ يُفْسَخُ الْبَيْعُ، فَإِنْ تَطَوَّعَ، فَامْتَنَعَ الْمُشْتَرِي مِنَ الْقَبُولِ، فُسِخَ الْبَيْعُ، وَلَوْ رَضِيَتِ الْأُمُّ بِالتَّفْرِيقِ، لَمْ يَرْتَفِعِ التَّحْرِيمُ عَلَى الصَّحِيحِ رِعَايَةً لِحَقِّ الْوَلَدِ، وَأُمُّ الْأُمِّ عِنْدَ عَدَمِ الْأُمِّ كَالْأُمِّ، فَلَوْ كَانَ لَهُ أُمٌّ وَجَدَّةٌ، فَبِيعَ مَعَ الْأُمِّ، فَلَا تَحْرِيمَ، وَإِنْ بِيعَ مَعَ الْجَدَّةِ، وَقُطِعَ عَنِ الْأُمِّ، حَرُمَ عَلَى الْأَظْهَرِ، وَالْأَبُ كَالْأُمِّ عَلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute