للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرُّكْنُ الثَّالِثُ: الْقَاتِلُ.

وَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مُلْتَزِمًا لِلْأَحْكَامِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى صَبِيٍّ وَلَا مَجْنُونٍ، كَمَا لَا قِصَاصَ عَلَى النَّائِمِ إِذَا انْقَلَبَ عَلَى شَخْصٍ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُمَا أَهْلِيَّةُ الِالْتِزَامِ، وَمَنْ يُقْطَعُ جُنُونُهُ لَهُ حُكْمُ الْمَجْنُونِ فِي حَالِ جُنُونِهِ وَحُكْمُ الْعَاقِلِ فِي حَالِ عَقْلِهِ.

وَمَنْ لَزِمَهُ قِصَاصٌ بِإِقْرَارٍ، أَوْ بَيِّنَةٍ، ثُمَّ جُنَّ، اسْتُوفِيَ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ، لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الرُّجُوعَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَقَرَّ بِحَدٍّ، ثُمَّ جُنَّ، لَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، وَالْمَذْهَبُ وُجُوبُ الْقِصَاصِ عَلَى السَّكْرَانِ، وَمَنْ تَعَدَّى بِشُرْبِ دَوَاءٍ مُزِيلٍ لِلْعَقْلِ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الطَّلَاقِ.

فَرْعٌ.

لَوْ قَالَ الْقَاتِلُ: كُنْتُ يَوْمَ الْقَتْلِ صَغِيرًا، وَقَالَ الْوَلِيُّ: بَلْ بَالِغًا، صَدَقَ الْقَاتِلُ بِيَمِينِهِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ الصِّغَرُ، وَهَذَا بِشَرْطِ الْإِمْكَانِ، وَلَوْ قَالَ: أَنَا الْآنَ صَغِيرٌ، صَدَقَ، وَلَا قِصَاصَ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، لِأَنَّ الْيَمِينَ لِإِثْبَاتِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَلَوْ ثَبَتَ صِبَاهُ، لَبَطَلَتْ يَمِينُهُ، وَلَوْ قَالَ: كُنْتُ مَجْنُونًا عِنْدَ الْقَتْلِ، وَكَانَ عُهِدَ لَهُ جُنُونٌ، صَدَقَ، وَإِلَّا فَلَا، لِأَنَّ الْأَصْلَ السَّلَامَةُ.

وَلَوِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ كَانَ زَائِلَ الْعَقْلِ، وَقَالَ الْقَاتِلُ: كُنْتُ مَجْنُونًا، وَقَالَ الْوَارِثُ: بَلْ سَكْرَانَ، صَدَقَ الْقَاتِلُ، وَلَوْ أَقَامَ الْقَاتِلُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ يَوْمَ الْقَتْلِ مَجْنُونًا، وَأَقَامَ الْوَارِثُ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَانَ حِينَئِذٍ عَاقِلًا تَعَارَضَتَا.

فَرْعٌ.

يَجِبُ الْقِصَاصُ عَلَى الْمُرْتَدِّ، وَالْمَعْصُومِ، لِالْتِزَامِهِ الْأَحْكَامَ، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْحَرْبِيِّ، كَمَا لَا يَضْمَنُ الْمَالَ لِعَدَمِ الْتِزَامِهِ، هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ،

<<  <  ج: ص:  >  >>