للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْقِصَاصِ، وَبِهِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْمَاوَرْدِيُّ، وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَالْقَفَّالِ: لَا قِصَاصَ، لِأَنَّهُ لَا يُقْتَلُ بِجُزْءِ الْحُرِّيَّةِ جُزْءُ الْحَرِّيَّةِ، وَبِجُزْءِ الرِّقِّ جُزْءُ الرِّقِّ، بَلْ يُقْتَلُ جَمِيعُهُ بِجَمِيعِهِ.

وَلِهَذَا لَوْ كَانَ الْقَتْلُ خَطَأً، أَوْ آلَ الْأَمْرُ إِلَى الْمَالِ، وَأَوْجَبْنَا نِصْفَ الدِّيَةِ وَنِصْفَ الْقِيمَةِ مَثَلًا، لَا نَقُولُ: نِصْفَ الدِّيَةِ فِي مَالِ الْقَاتِلِ، وَنِصْفَ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ، بَلْ يَجِبُ رُبُعُ الدِّيَةِ، وَرُبُعُ الْقِيمَةِ فِي مَالِهِ، وَرُبُعُ الدِّيَةِ وَرُبُعُ الْقِيمَةِ فِي رَقَبَتِهِ، وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَقَعَ الِاسْتِيفَاءُ شَائِعًا، لَزِمَ قَتْلُ الْبَعْضِ الْحُرِّ بِالْبَعْضِ الْحُرِّ وَالرَّقِيقِ مَعًا.

فَرْعٌ.

قَتَلَ عَبْدٌ مُسْلِمٌ حُرًّا ذِمِّيًّا، أَوْ حُرٌّ ذِمِّيٌّ عَبْدًا مُسْلِمًا، أَوْ قَتَلَ كَافِرٌ ابْنَهُ الْمُسْلِمَ، أَوِ الِابْنُ الْمُسْلِمُ أَبَاهُ الْكَافِرَ، لَا قِصَاصَ، لِأَنَّ الْحُرَّ وَالْمُسْلِمَ وَالْأَبَ لَا يُقْتَلُ بِمَفْضُولِهِ.

فَرْعٌ.

قَتَلَ الْمَكَاتَبُ أَبَاهُ وَهُوَ يَمْلِكُهُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَلَوْ قَتَلَ عَبْدًا لَهُ غَيْرَ أَبِيهِ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ عَبْدٌ مَا بَقِيَ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ.

قُلْتُ: إِذَا أَوْجَبْنَا الْقِصَاصَ، اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّهُمَا عَبْدَانِ لِلسَّيِّدِ، قَتَلَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، فَهُوَ كَمَا لَوْ قَتَلَهُ أَجْنَبِيٌّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ: الْوِلَادَةُ، فَلَا قِصَاصَ عَلَى وَالِدٍ يَقْتُلُ وَلَدَهُ، وَالْأُمُّ كَالْأَبِ وَكَذَلِكَ الْأَجْدَادُ وَالْجَدَّاتُ وَإِنْ عَلَوْا مِنْ قِبَلِ الْأَبِ وَالْأُمِّ جَمِيعًا، وَحَكَى ابْنُ الْقَاصِّ وَابْنُ سَلِمَةَ قَوْلًا فِي الْأَجْدَادِ وَالْجَدَّاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>