أَصَحُّهُمَا: لَا يُجْبَرُ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ، بَلْ لَا يَجُوزُ الْقَبُولُ، وَلَوْ كَانَ لِذِمِّيٍّ عَلَى ذِمِّيٍّ دَيْنٌ، وَرَهَنَ بِهِ خَمْرًا، لَمْ يُتَعَرَّضْ لَهُمَا، كَمَا لَوْ بَاعَهُ الْخَمْرَ، فَإِنْ وَضَعَاهَا عِنْدَ مُسْلِمٍ، لَمْ يَكُنْ لَهُ إِمْسَاكُهَا، وَلَوْ كَانَ لِمُسْلِمٍ عَلَى ذَمِّيٍّ دَيْنٌ، فَرَهَنَ بِهِ خَمْرًا، لَمْ يَجُزْ.
الْأَمْرُ الثَّانِي: يَلْزَمُ الْإِمَامَ دَفْعُ مَنْ قَصَدَهُمْ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ إِنْ كَانُوا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، فَإِنْ كَانُوا مُسْتَوْطِنِينَ دَارَ الْحَرْبِ وَبَذَلُوا الْجِزْيَةَ، لَمْ يَجِبِ الذَّبُّ عَنْهُمْ، وَإِنْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ بِبَلْدَةٍ فِي جِوَارِ الدَّارِ، وَجَبَ الذَّبُّ عَلَى الْأَصَحِّ، هَذَا إِذَا جَرَى الْعَقْدُ مُطْلَقًا، فَإِنْ جَرَى بِشَرْطِ أَنْ يَذُبَّ أَهْلَ الْحَرْبِ، وَجَبَ الْوَفَاءُ بِالْمُلْتَزَمِ وَفِيهِ احْتِمَالٌ لِلْإِمَامِ، وَإِنْ جَرَى بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذُبَّ عَنْهُمْ، فَإِنْ كَانُوا مَعَ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي مَوْضِعٍ إِذَا قَصَدَهُمْ أَهْلُ الْحَرْبِ كَانَ مُرُورُهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، فَسَدَ الشَّرْطُ، وَكَذَا الْعَقْدُ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ كَانُوا مُنْفَرِدِينَ وَلَا يَمُرُّ أَهْلُ الْحَرْبِ بِهِمْ، صَحَّ الشَّرْطُ، وَحَكَى الْإِمَامُ وَجْهًا أَنَّ شَرْطَ تَرْكِ الذَّبِّ فَاسِدٌ مُطْلَقًا، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَهَلْ يُكْرَهُ؟ فِيهِ نَصَّانِ حَمَلُوهُمَا عَلَى حَالَيْنِ، فَإِنْ طَلَبَ الْإِمَامُ الشَّرْطَ، كُرِهَ، لِأَنَّ فِيهِ إِظْهَارَ ضَعْفِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ طَلَبَ أَهْلُ الذِّمَّةِ، فَلَا، وَيَجِبُ دَفْعُ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُمْ، كَمَا يَجِبُ دَفْعُ أَهْلِ الْحَرْبِ، فَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ عَنْهُمْ حَتَّى مَضَى حَوْلٌ، لَمْ تُجْبَ جِزْيَتُهُ، كَمَا لَا تُجْبَ الْأُجْرَةُ إِذَا لَمْ يُوجَدِ التَّمَكُّنُ مِنَ الِانْتِفَاعِ، وَلَوْ أَغَارَ أَهْلُ الْحَرْبِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ، ثُمَّ ظَفَرَ الْإِمَامُ بِهِمْ، فَاسْتَرْجَعَهَا، لَزِمَهُ رَدُّهَا عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ، فَإِنْ أَتْلَفُوا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِمْ، كَمَا لَوْ أَتْلَفُوا مَالَ الْمُسْلِمِينَ، وَمَنْ أَغَارَ مَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ هُدْنَةٌ وَأَتْلَفَ أَمْوَالَ أَهْلِ الذِّمَّةِ، ضَمِنَ، فَإِنْ نَقَضُوا الْعَهْدَ وَامْتَنَعُوا، ثُمَّ أَغَارُوا وَأَتْلَفُوا لَهُمْ مَالًا أَوْ نَفْسًا، فَفِي الضَّمَانِ قَوْلَانِ، كَأَهْلِ الْبَغْيِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute