لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ ثُمَّ قَالَ: وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ، بَلِ الْوَاجِبُ أَنْ يُقَالَ: يُعَلِّمُهَا بِحَرْفِ أَبِي عَمْرٍو وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِمَا عَلِمَ. ثُمَّ الْعِلْمُ بِهَذَا يُشْتَرَطُ فِي حَقِّ الزَّوْجِ، فَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا قَدْرَ السُّوَرِ وَالْأَجْزَاءِ وَالْآيَاتِ، قَالَ أَبُو الْفَرَجِ الزَّازُ: الطَّرِيقُ التَّوْكِيلُ، وَإِلَّا فَيُرَى الْمُصْحَفُ، وَيُقَالُ: تَعَلَّمْ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ إِلَى هَذَا، وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: لَا يَكْفِي هَذَا، إِذْ لَا يُعْرَفُ بِهِ صُعُوبَتُهُ وَسُهُولَتُهُ.
قُلْتُ: الصَّوَابُ أَنَّهُ لَا تَكْفِي الْإِشَارَةُ إِذَا لَمْ يُعَلِّمْهَا فَيَتَعَيَّنُ التَّوْكِيلُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الطَّرِيقُ الثَّانِي: تَقْدِيرُهَا بِالزَّمَانِ، بِأَنْ يَصْدُقَهَا تَعْلِيمَ الْقُرْآنِ شَهْرًا، وَيُعَلِّمُهَا فِيهِ مَا شَاءَتْ، كَمَا يَخِيطُ الْأَجِيرُ لِلْخِيَاطَةِ مَا شَاءَ الْمُسْتَأْجِرُ. فَلَوْ جَمَعَ الطَّرِيقَيْنِ فَقَالَ: تُعَلِّمُهَا فِي شَهْرٍ سُورَةَ الْبَقَرَةِ، فَهُوَ كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ لِتَخِيطَ هَذَا الثَّوْبَ الْيَوْمَ، وَفِيهِ خِلَافٌ سَبَقَ فِي الْإِجَارَةِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ الْمَعْقُودُ عَلَى تَعْلِيمِهِ قَدْرًا فِي تَعْلِيمِهِ كُلْفَةٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ، بِأَنْ شُرِطَ تَعْلِيمُ لَحْظَةٍ لَطِيفَةٍ، أَوْ قَدْرٍ يَسِيرٍ وَإِنْ كَانَ آيَةً، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ثُمَّ نَظَرَ لَمْ يَصِحَّ الْإِصْدَاقُ وَهُوَ كَبَيْعِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ.
الثَّانِيَةُ: أَصْدَقَهَا تَعْلِيمَ الْفَاتِحَةِ وَهُوَ مُتَعَيَّنٌ لِلتَّعْلِيمِ، فَفِي صِحَّةِ الْإِصْدَاقِ وَجْهَانِ، كَنَظِيرِهِ فِي الْإِجَارَةِ. أَصَحُّهُمَا: الصِّحَّةُ. وَلَوْ نَكَحَهَا عَلَى أَدَاءِ شَهَادَةٍ لَهَا عِنْدَهُ، أَوْ نَكَحَ كِتَابِيَّةً عَلَى أَنْ يُلَقِّنَهَا كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ، لَمْ يَصِحَّ الصَّدَاقُ، قَالَهُ الْبَغَوِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute