فَرْعٌ
أَطْلَقَ صَاحِبُ «التَّهْذِيبِ» فِي آخَرِينَ أَنَّ صَوْمَ الدَّهْرِ مَكْرُوهٌ.
وَقَالَ الْغَزَالِيُّ: هُوَ مَسْنُونٌ، وَقَالَ الْأَكْثَرُونَ: إِنْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا، أَوْ فَوَّتَ بِهِ حَقًّا، كُرِهَ. وَإِلَّا، فَلَا. وَالْمُرَادُ: إِذَا أَفْطَرَ أَيَّامَ الْعِيدِ وَالتَّشْرِيقِ. وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ، لَزِمَ وَكَانَتِ الْأَعْيَادُ وَ [أَيَّامُ] التَّشْرِيقِ وَشَهْرُ رَمَضَانَ وَقَضَاؤُهُ مُسْتَثْنَاةً.
فَإِنْ فُرِضَ فَوَاتٌ بِعُذْرٍ أَوْ بِغَيْرِهِ، فَهَلْ تَجِبُ الْفِدْيَةُ لِمَا أَخَلَّ بِهِ مِنَ النَّذْرِ بِسَبَبِ الْقَضَاءِ؟ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْكَرْخِيُّ: فِيهِ وَجْهَانِ، وَقُطِعَ بِهِ فِي «التَّهْذِيبِ» : بِأَنَّهُ لَا فِدْيَةَ.
وَلَوْ نَذَرَ صَوْمًا آخَرَ بَعْدَ هَذَا النَّذْرِ، لَمْ يَنْعَقِدْ. وَلَوْ لَزِمَهُ صَوْمُ كَفَّارَةٍ، صَامَ عَنْهَا وَفَدَى عَنِ النَّذْرِ. وَلَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ، لَمْ يُمْكِنْ قَضَاؤُهُ، وَلَا فِدْيَةَ إِنْ كَانَ بِعُذْرٍ، وَإِلَّا فَتَجِبُ الْفِدْيَةُ. وَلَوْ نَذَرَتِ الْمَرْأَةُ صَوْمَ الدَّهْرِ، فَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا، وَلَا قَضَاءَ وَلَا فِدْيَةَ، وَإِنْ أَذِنَ لَهَا، أَوْ مَاتَ فَلَمْ تَصُمْ، لَزِمَهَا الْفِدْيَةُ.
قُلْتُ: وَمِنَ الْمَسْنُونِ، صَوْمُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، غَيْرَ الْعِيدِ، وَالصَّوْمُ مِنْ آخِرِ كُلِّ شَهْرٍ. وَأَفْضَلُ الْأَشْهُرِ لِلصَّوْمِ بَعْدَ رَمَضَانَ، الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ، ذُو الْقِعْدَةِ، وَذُو الْحِجَّةِ، وَالْمُحَرَّمُ، وَرَجَبٌ. وَأَفْضَلُهَا: الْمُحَرَّمُ، وَيْلِي الْمُحَرَّمَ فِي الْفَضِيلَةِ، شَعْبَانُ.
وَقَالَ صَاحِبُ «الْبَحْرِ» : رَجَبٌ أَفْضَلُ مِنَ الْمُحَرَّمِ، وَلَيْسَ كَمَا قَالَ. قَالَ أَصْحَابُنَا: لَا يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ صَوْمُ تَطَوُّعٍ وَزَوْجُهَا حَاضِرٌ، إِلَّا بِإِذْنِهِ. وَمِمَّنْ صَرَّحَ بِهِ: صَاحِبَا «الْمُهَذَّبِ» وَ «التَّهْذِيبِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute