وَبِهِ قَطَعَ مُعْظَمُ الْأَصْحَابِ تَصْرِيحًا وَتَلْوِيحًا. وَدَلِيلُهُ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَافَ خَارِجَ الْحِجْرِ. - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
وَلَوْ كَانَ يَطُوفُ وَيَمَسُّ الْجِدَارَ بِيَدِهِ فِي مُوَازَاةِ الشَّاذَرْوَانِ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَجْزَاءِ الْبَيْتِ، فَفِي صِحَّةِ طَوَافِهِ وَجْهَانِ. الصَّحِيحُ بِاتِّفَاقِ فِرَقِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّ بَعْضَ بَدَنِهِ فِي الْبَيْتِ، فَهُوَ كَمَا لَوْ كَانَ يَضَعُ إِحْدَى رِجْلَيْهِ أَحْيَانًا عَلَى الشَّاذَرْوَانِ، وَيَقْفِزُ بِالْأُخْرَى.
الْوَاجِبُ الرَّابِعُ: أَنْ يَقَعَ الطَّوَافُ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَلَا بَأْسَ بِالْحَائِلِ فِيهِ بَيْنَ الطَّائِفِ وَالْبَيْتِ، كَالسِّقَايَةِ وَالسَّوَارِي. وَيَجُوزُ فِي أُخْرَيَاتِ الْمَسْجِدِ وَأَرْوِقَتِهِ، وَعِنْدَ بَابِ الْمَسْجِدِ مِنْ دَاخِلِهِ، وَيَجُوزُ عَلَى سُطُوحِهِ إِذَا كَانَ الْبَيْتُ أَرْفَعَ بِنَاءً كَمَا هُوَ الْيَوْمَ. فَإِنْ جَعَلَ سَقْفَ الْمَسْجِدِ أَعْلَى، فَقَدْ ذَكَرَ فِي الْعُدَّةِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الطَّوَافُ عَلَى سَطْحِهِ. وَلَوْ صَحَّ قَوْلُهُ، لَزِمَ أَنْ يُقَالَ: لَوِ انْهَدَمَتِ الْكَعْبَةُ - وَالْعِيَاذُ بِاللَّهِ - لَمْ يَصِحَّ الطَّوَافُ حَوْلَ عَرْصَتِهَا، وَهُوَ بَعِيدٌ.
فَرْعٌ
لَوْ وُسِّعَ الْمَسْجِدُ اتَّسَعَ الْمَطَافُ، وَقَدْ جَعَلَتْهُ الْعَبَّاسِيَّةُ أَوْسَعَ مِمَّا كَانَ فِي عَصْرِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قُلْتُ: أَوَّلُ مَنْ وَسَّعَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - اشْتَرَى دُورًا وَزَادَهَا فِيهِ، وَاتَّخَذَ لِلْمَسْجِدِ جِدَارًا قَصِيرًا دُونَ الْقَامَةِ. وَكَانَ عُمَرُ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَ الْجِدَارَ لِلْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، ثُمَّ وَسَّعَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَذَلِكَ وَاتَّخَذَ لَهُ الْأَرْوِقَةَ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنِ اتَّخَذَهَا ثُمَّ وَسَّعَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute