مِنْهَا بَعْدَ الْقِطَافِ، أَوْ لِيَنْسِجَ الثَّوْبَ بِنِصْفِهِ، فَكُلُّ هَذَا فَاسِدٌ، وَلِلْأَجِيرِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَ الْمُرْضِعَ بِجُزْءٍ مِنَ الرَّقِيقِ فِي الْحَالِ، أَوْ قَاطِفَ الثِّمَارِ بِجُزْءٍ مِنْهَا عَلَى رُءُوسِ الشَّجَرِ، أَوْ كَانَ الرَّقِيقُ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ، فَاسْتَأْجَرَهَا لِتُرْضِعَهُ بِجُزْءٍ مِنْهُ، أَوْ بِغَيْرِهِ، جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا لَوْ سَاقَى شَرِيكَهُ وَشَرَطَ لَهُ زِيَادَةً مِنَ الثَّمَرِ، يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ يَقَعُ عَمَلُهُ فِي مُشْتَرَكٍ. وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ، وَنَقَلَهُ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ عَنِ الْأَصْحَابِ، لِأَنَّ عَمَلَ الْأَجِيرِ يَنْبَغِي أَنْ يَقَعَ فِي خَاصِّ مُلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. قَالَ الْبَغَوِيُّ: لَوِ اسْتَأْجَرَ شَرِيكَهُ فِي الْحِنْطَةِ لِيَطْحَنَهَا أَوِ الدَّابَّةَ لِيَتَعَهَّدَهَا بِدَرَاهِمَ، جَازَ. وَلَوْ قَالَ: اسْتَأْجَرْتُكَ بِرُبْعِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ أَوْ بِصَاعٍ مِنْهَا لِتَطْحَنَ الْبَاقِيَ، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ: يَجُوزُ، ثُمَّ يَتَقَاسَمَانِ قَبْلَ الطَّحْنِ، فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ، وَيَطْحَنُ الْبَاقِي. قَالَ الْمُتَوَلِّي: وَإِنْ شَاءَ طَحَنَ الْكُلَّ وَالدَّقِيقُ مُشْتَرَكٌ بَيْنَهُمَا. وَمِثَالُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ، مَا إِذَا اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الشَّاةِ الْمُذَكَّاةِ إِلَى مَوْضِعِ كَذَا بِجِلْدِهَا، فَفَاسِدٌ أَيْضًا. أَمَّا لَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِحَمْلِ الْمَيِّتَةِ بِجِلْدِهَا، فَبَاطِلٌ، لِأَنَّهُ نَجِسٌ.
الرُّكْنُ الرَّابِعُ: الْمَنْفَعَةُ، وَلَهَا خَمْسَةُ شُرُوطٍ.
أَحَدُهَا: أَنْ تَكُونَ مُتَقَوَّمَةً وَفِيهِ مَسَائِلُ. أَحَدُهَا: اسْتِئْجَارُ تُفَّاحَةٍ لِلشَّمِّ بَاطِلٌ، لِأَنَّهَا لَا تُقْصَدُ لَهُ، فَلَمْ يَصِحَّ كَشِرَاءِ حَبَّةِ حِنْطَةٍ. فَإِنْ كَثُرَ التُّفَّاحُ، فَالْوَجْهُ: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهُمْ نَصُّوا عَلَى جَوَازِ اسْتِئْجَارِ الْمِسْكِ وَالرَّيَاحِينِ لِلشَّمِّ، وَمِنَ التُّفَّاحِ مَا هُوَ أَطْيَبُ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الرَّيَاحِينِ. الثَّانِيَةُ: اسْتِئْجَارُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، إِنْ أَطْلَقَهُ، فَبَاطِلٌ، وَإِنْ صَرَّحَ بِالِاسْتِئْجَارِ لِلتَّزْيِينِ، فَبَاطِلٌ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ. وَاسْتِئْجَارُ الْأَطْعِمَةِ لِتَزْيِينِ الْحَوَانِيتِ، بَاطِلٌ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَفِي اسْتِئْجَارِ الْأَشْجَارِ لِتَجْفِيفِ الثِّيَابِ عَلَيْهَا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute