وَالْوُقُوفِ فِي ظِلِّهَا، وَرَبْطِ الدَّوَابِّ فِيهَا، الْوَجْهَانِ. قَالَ بَعْضُهُمُ: الْأَصَحُّ هُنَا: الصِّحَّةُ، لِأَنَّهَا مَنَافِعُ مُهِمَّةٌ، بِخِلَافِ التَّزْيِينِ. وَاسْتِئْجَارُ الْبَبَّغَاءِ لِلِاسْتِئْنَاسِ، قَالَ الْبَغَوِيُّ: فِيهِ الْوَجْهَانِ، وَقَطَعَ الْمُتَوَلِّي بِالْجَوَازِ، وَكَذَا فِي كُلِّ مَا يُسْتَأْنَسُ بِلَوْنِهِ، كَالطَّاوُوسِ، أَوْ صَوْتِهِ، كَالْعَنْدَلِيبِ.
الثَّالِثَةُ: اسْتِئْجَارُ الْبَيَّاعِ عَلَى كَلِمَةِ الْبَيْعِ، أَوْ كَلِمَةٍ يُرَوِّجُ بِهَا السِّلْعَةَ وَلَا تَعَبَ فِيهَا، بَاطِلٌ، إِذْ لَا قِيمَةَ لَهَا. قَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى: هَذَا فِي مَبِيعٍ مُسْتَقِرِّ الْقِيمَةِ فِي الْبَلَدِ، كَالْخُبْزِ وَاللَّحْمِ. أَمَّا الثِّيَابُ وَالْعَبِيدُ، وَمَا يَخْتَلِفُ قَدْرُ الثَّمَنِ فِيهِ بِاخْتِلَافِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ، فَيَخْتَصُّ بَيْعُهَا مِنَ الْبَيَّاعِ، لِمَزِيدِ مَنْفَعَةٍ وَفَائِدَةٍ، فَيَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ. ثُمَّ إِذَا لَمْ يَجُزِ الِاسْتِئْجَارُ، وَلَمْ يَتْعَبِ الْبَيَّاعُ، فَلَا شَيْءَ لَهُ. وَإِنْ تَعِبَ بِكَثْرَةِ التَّرَدُّدِ، أَوْ كَثْرَةِ الْكَلَامِ فِي أَمْرِ الْمُعَامَلَةِ، فَلَهُ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، لَا مَا تَوَاطَأَ عَلَيْهِ الْبَيَّاعُونَ. الرَّابِعَةُ: اسْتِئْجَارُ الْكَلْبِ الْمُعَلَّمِ لِلصَّيْدِ وَالْحِرَاسَةِ، بَاطِلٌ عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ: يَجُوزُ كَالْفَهْدِ وَالْبَازِي وَالشَّبَكَةِ لِلِاصْطِيَادِ وَالْهِرَّةِ لِدَفْعِ الْفَأْرِ. الشَّرْطُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَتَضَمَّنَ اسْتِيفَاءَ عَيْنٍ قَصْدًا، وَمَقْصُودُهُ أَنَّ الْإِجَارَةَ عَقْدٌ تُرَادُ بِهِ الْمَنَافِعُ دُونَ الْأَعْيَانِ، هَذَا هُوَ الْأَصْلُ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ تُسْتَحَقُّ بِهَا الْأَعْيَانُ تَابِعَةً لِضَرُورَةٍ أَوْ حَاجَةٍ مَاسَّةٍ، فَتَلْحَقُ تِلْكَ الْأَعْيَانُ حِينَئِذٍ بِالْمَنَافِعِ، وَفِيهِ مَسَائِلُ. إِحْدَاهَا: اسْتِئْجَارُ الْبُسْتَانِ لِثِمَارِهِ، وَالشَّاةِ لِنِتَاجِهَا أَوْ صُوفِهَا أَوْ لَبَنِهَا، بَاطِلٌ. الثَّانِيَةُ: الِاسْتِئْجَارُ لِإِرْضَاعِ الطِّفْلِ جَائِزٌ، وَيُسْتَحَقُّ بِهِ مَنْفَعَةُ عَيْنٍ. فَالْمَنْفَعَةُ: أَنْ تَضَعَ الصَّبِيَّ فِي حِجْرِهَا وَتُلْقِمَهُ الثَّدْيَ وَتَعْصِرَهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. وَالْعَيْنُ: اللَّبَنُ الَّذِي يَمُصُّهُ الصَّبِيُّ. وَإِنَّمَا جُوِّزَ لِمَسِيسِ الْحَاجَةِ أَوِ الضَّرُورَةِ. وَفِي الْأَصْلِ الَّذِي تَنَاوَلَهُ الْعَقْدُ، وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: اللَّبَنُ. وَأَمَّا فِعْلُهَا، فَتَابِعٌ، لِأَنَّ اللَّبَنَ مَقْصُودٌ لِعَيْنِهِ، وَفِعْلُهَا طَرِيقٌ إِلَيْهِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُ فِعْلُهَا، وَاللَّبَنُ مُسْتَحَقٌّ تَبَعًا، لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى: (فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) [الطَّلَاقِ: ٦] ، عَلَّقَ الْأُجْرَةَ بِفِعْلِ الْإِرْضَاعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute