تَبْطُلُ فِيمَا مَضَى؟ قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: يُبْنَى عَلَى الْخِلَافِ فِي تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا تُفَرَّقُ، كَانَ لِلْبَطْنِ الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ لِمَا مَضَى. أَمَّا إِذَا أَجَّرَ الْوَقْفَ مُتَوَلِّيهِ، فَمَوْتُهُ لَا يُؤَثِّرُ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِأَنَّهُ نَاظِرٌ لِلْجَمِيعِ. وَقِيلَ: تَبْطُلُ الْإِجَارَةُ كَمَا سَيَأْتِي فِي وَلِيِّ الصَّبِيِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَرْعٌ
لِلْوَلِيِّ إِجَارَةُ الطِّفْلِ وَمَالُهُ، أَبًا كَانَ أَوْ وَصِيًّا أَوْ قَيِّمًا، إِذَا رَأَى الْمَصْلَحَةَ فِيهَا، لَكِنْ لَا يُجَاوِزُ مُدَّةَ بُلُوغِهِ بِالسِّنِّ. فَلَوْ أَجَّرَهُ مُدَّةً يَبْلُغُ فِي أَثْنَائِهَا، بِأَنْ كَانَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ، فَأَجَّرَهُ عَشْرَ سِنِينَ، فَطَرِيقَانِ. قَالَ الْجُمْهُورُ: يَبْطُلُ فِيمَا يَزِيدُ عَلَى مُدَّةِ الْبُلُوغِ، وَفِيمَا لَا يَزِيدُ قَوْلَا تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ فِي الْجَمِيعِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ عِنْدَ الْبَغَوِيِّ.
قُلْتُ: وَاخْتَارَهُ أَيْضًا ابْنُ الصَّبَّاغِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَيَجُوزُ أَنْ يُؤَجِّرَهُ مُدَّةً لَا يَبْلُغُ فِيهَا بِالسِّنِّ وَإِنِ احْتُمِلَ بُلُوغُهُ بِالِاحْتِلَامِ، لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فَلَوِ اتَّفَقَّ فِي الِاحْتِلَامِ فِي أَثْنَائِهَا، فَوَجْهَانِ، أَصَحُّهُمَا عِنْدَ صَاحِبِ «الْمُهَذَّبِ» وَالرُّوْيَانِيِّ: بَقَاءُ الْإِجَارَةِ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَالْمُتَوَلِّي: لَا تَبْقَى.
قُلْتُ: صَحَّحَ الرَّافِعِيُّ فِي الْمُحَرَّرِ الثَّانِيَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
ثُمَّ التَّعْبِيرُ عَنْ هَذَا بِالِانْفِسَاخِ أَوْ تَبَيُّنِ الْبُطْلَانِ، كَمَا ذَكَرْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ.
وَإِذَا قُلْنَا: لَا تَبْقَى الْإِجَارَةُ، جَاءَ فِيمَا مَضَى خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ. وَإِذَا قُلْنَا: تَبْقَى، فَهَلْ لَهُ خِيَارُ الْفَسْخِ إِذَا بَلَغَ؟ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: لَا، كَمَا لَوْ زَوَّجَهَا ثُمَّ بَلَغَتْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute