أَوْ عَكْسَهُ، فَلَهُ الرَّدُّ، لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ. وَقِيلَ: لَا رَدَّ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى. وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ مَخْتُونًا، فَبَانَ أَقْلَفَ، فَلَهُ الرَّدُّ، وَبِالْعَكْسِ لَا رَدَّ. وَقَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : إِلَّا أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ مَجُوسِيًّا. وَهُنَاكَ مَجُوسٌ يَشْتَرُونَ الْأَقْلَفَ بِزِيَادَةٍ، فَلَهُ الرَّدُّ.
وَلَوْ شَرَطَ كَوْنَهُ أَحْمَقَ أَوْ نَاقِصَ الْخِلْقَةِ، فَهُوَ لَغْوٌ. وَخِيَارُ الْخُلْفِ عَلَى الْفَوْرِ، فَيَبْطُلُ بِالتَّأْخِيرِ كَمَا سَنَذْكُرُ فِي الْعَيْبِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَلَوْ تَعَذَّرَ الرَّدُّ بِهَلَاكٍ وَغَيْرِهِ، فَلَهُ الْأَرْشُ كَمَا فِي الْعَيْبِ. وَمَسَائِلُ الْفَصْلِ كُلُّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الشَّرْطِ لَا يُفْسِدُ الْبَيْعَ. وَحُكِيَ قَوْلٌ ضَعِيفٌ أَنَّهُ يُفْسِدُهُ.
الثَّانِي مِنْ أَسْبَابِ الظَّنِّ: اطِّرَادُ الْعُرْفِ. فَمَنِ اشْتَرَى شَيْئًا فَوَجَدَهُ مَعِيبًا، فَلَهُ الرَّدُّ. وَمَنْ بَاعَ شَيْئًا يَعْلَمُ بِهِ عَيْبًا وَجَبَ عَلَيْهِ بَيَانُهُ لِلْمُشْتَرِي.
قُلْتُ: وَيَجِبُ أَيْضًا عَلَى غَيْرِ الْبَائِعِ مِمَّنْ عَلِمَهُ إِعْلَامُ الْمُشْتَرِي. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَمِنَ الْعُيُوبِ: الْخِصَاءُ، وَالْجَبُّ، وَالزِّنَا، وَالسَّرِقَةُ فِي الْعَبِيدِ وَالْإِمَاءِ، وَالْإِبَاقُ، وَالْبَخَرُ وَالصُّنَانُ فِيهِمَا. وَالْبَخَرُ الَّذِي هُوَ عَيْبٌ، هُوَ النَّاشِئُ مِنْ تَغَيُّرِ الْمَعِدَةِ، دُونَ مَا يَكُونُ لِقَلَحِ الْأَسْنَانِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَزُولُ بِتَنْظِيفِ الْفَمِ. وَالصُّنَانُ الَّذِي هُوَ عَيْبٌ، هُوَ الْمُسْتَحْكِمُ الَّذِي يُخَالِفُ الْعَادَةَ، دُونَ مَا يَكُونُ لِعَارِضِ عَرَقٍ، أَوْ حَرَكَةٍ عَنِيفَةٍ، أَوِ اجْتِمَاعِ وَسَخٍ.
وَنَصَّ الْأَصْحَابُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ زَنَا مَرَّةً وَاحِدَةً فِي يَدِ الْبَائِعِ، فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَتْ حَالُهُ ; لِأَنَّ تُهْمَةَ الزِّنَا لَا تَزُولُ، وَلِهَذَا لَا يَعُودُ إِحْصَانُ الْحُرِّ الزَّانِي بِالتَّوْبَةِ، وَكَذَلِكَ الْإِبَاقُ وَالسَّرِقَةُ، يَكْفِي فِي كَوْنِهِمَا عَيْبًا مَرَّةً وَاحِدَةً.
وَمِنَ الْعُيُوبِ: كَوْنُ الدَّارِ أَوِ الضَّيْعَةِ مَنْزِلَ الْجُنْدِ. قَالَ الْقَاضِي حُسَيْنٌ فِي فَتَاوِيهِ: هَذَا إِذَا اخْتُصَّتْ مِنْ بَيْنِ مَا حَوَالَيْهَا بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَا حَوَالَيْهَا مِنَ الدُّورِ بِمَثَابَتِهَا، فَلَا رَدَّ، وَكَوْنُهَا ثَقِيلَةَ الْخَرَاجِ عَيْبٌ، وَإِنْ كُنَّا لَا نَرَى أَصْلَ الْخَرَاجِ فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، لِتَفَاوُتِ الْقِيمَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute