للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَبَحْتُهُ لِمَنْ يَأْكُلُ مِنْهُ؟ قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا تَتَوَقَّفُ؛ لِأَنَّهُ بِالنَّذْرِ زَالَ مِلْكُهُ وَصَارَ لِلْمَسَاكِينِ. وَلَا يَجُوزُ لِلْمَهْدِيِّ، وَلَا لِأَغْنِيَاءِ الرُّفْقَةِ، الْأَكْلُ مِنْهُ قَطْعًا، وَلَا لِفُقَرَاءِ الرُّفْقَةِ عَلَى الصَّحِيحِ.

قُلْتُ: الْأَصَحُّ الَّذِي يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ وَقَوْلُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ الْمُرَادَ بِالرُّفْقَةِ: جَمِيعُ الْقَافِلَةِ. وَحَكَى الرُّويَانِيُّ فِي " الْبَحْرِ " وَجْهًا اسْتَحْسَنَهُ: أَنَّهُمُ الَّذِينَ يُخَالِطُونَهُ فِي الْأَكْلِ وَغَيْرِهِ، دُونَ بَاقِي الْقَافِلَةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِي وَقْتِ ذَبْحِ الْهَدْيِ، وَجْهَانِ: الصَّحِيحُ، أَنَّهُ يَخْتَصُّ بِيَوْمِ النَّحْرِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ، كَالْأُضْحِيَّةِ. وَبِهَذَا قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ وَغَيْرُهُمْ. وَالثَّانِي: لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ، كَدِمَاءِ الْجَبْرَانِ. فَعَلَى الْأَوَّلِ، لَوْ أَخَّرَ الذَّبْحَ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ هَذِهِ الْأَيَّامِ، فَإِنْ كَانَ الْهَدْيُ وَاجِبًا، ذَبَحَهُ قَضَاءً، وَإِنْ كَانَ تَطَوُّعًا، فَقَدْ فَاتَ. فَإِنْ ذَبَحَهُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: كَانَ شَاةَ لَحْمٍ.

قُلْتُ: وَإِذَا عَطِبَ هَدْيُ التَّطَوُّعِ، فَذَبَحَهُ، قَالَ صَاحِبُ " " الشَّامِلِ " وَغَيْرُهُ: لَا يَصِيرُ مُبَاحًا لِلْفُقَرَاءِ إِلَّا بِلَفْظِهِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: أَبَحْتُهُ لِلْفُقَرَاءِ أَوِ الْمَسَاكِينِ. قَالَ: وَيَجُوزُ لِمَنْ سَمِعَهُ الْأَكْلُ. وَفِي غَيْرِهِ، قَوْلَانِ. قَالَ فِي " الْإِمْلَاءِ ": لَا يَحِلُّ حَتَّى يَعْلَمَ الْإِذْنَ. وَقَالَ فِي " الْقَدِيمِ " وَ " الْأُمِّ ": يَحِلُّ، وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>