فَإِذَا أَشْكَلَ الْحَالُ، أَنْفَقَا عَلَيْهِ بِالسَّوِيَّةِ، فَإِنْ قُلْنَا: نَصْرِفُ الْجَمِيعَ إِلَيْهَا بَعْدَ الْوَضْعِ، أُخِذَتْ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ نَفَقَتِهِمَا، هَكَذَا رَتَّبَ ابْنُ الصَّبَّاغِ وَالرُّويَانِيُّ فِي «جَمْعِ الْجَوَامِعِ» ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ. وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهَا لَا تُطَالِبُ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَلَمْ يُفَرِّقْ هَؤُلَاءِ بَيْنَ قَوْلِنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَمْلِ أَوْ لِلْحَامِلِ، فَعَلَى هَذَا، إِذَا وَضَعَتْ فَأَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ، قَالَ الْإِمَامُ وَالْغَزَالِيُّ: لَا تُطَالِبُ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، بِنَاءً عَلَى أَنَّ نَفَقَةَ الْقَرِيبِ تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَجَمَاعَةٌ، أَنَّهُ يُطَالَبُ بِتِلْكَ النَّفَقَةِ، وَقَالُوا: هَذِهِ النَّفَقَةُ تَصِيرُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ وَلَيْسَتْ كَنَفَقَةِ الْأَقَارِبِ.
قَالَ الْإِمَامُ: وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُ إِذَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ، لَا يُطَالَبُ بِالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، تَفْرِيعًا عَلَى أَنَّهَا لِلْحَمْلِ، وَأَنَّهَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ، قَالَ: وَالْقِيَاسُ يَقْتَضِي الْمَصِيرَ إِلَيْهِ. أَمَّا نَفَقَةُ الْوَلَدِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَحَضَانَتُهُ، فَعَلَى مَا أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِهِ مِنْهُمَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، أَوْ أُشْكِلَ عَلَيْهِ، فَهِيَ عَلَيْهِمَا مُنَاصَفَةً إِلَى أَنْ يُوجَدَ الْقَائِفُ، أَوْ يَبْلُغَ الصَّبِيُّ، فَيَنْتَسِبَ إِلَى أَحَدِهِمَا. وَقِيلَ: لَا يُطَالَبَانِ بِالنَّفَقَةِ فِي مُدَّةِ الْإِشْكَالِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. ثُمَّ إِذَا أَنْفَقَا (عَلَيْهِ) ، ثُمَّ لَحِقَ الْوَلَدُ بِأَحَدِهِمَا بِإِلْحَاقِ الْقَائَفِ، أَوْ بِانْتِسَابِهِ، رَجَعَ الْآخَرُ عَلَيْهِ بِمَا أَنْفَقَ بِشَرْطَيْنِ، أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْإِنْفَاقُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ، وَإِلَّا فَهُوَ مُتَبَرِّعٌ. وَالثَّانِي: أَنْ لَا يَكُونَ مُدَّعِيًا لِلْوَلَدِ، فَإِنْ كَانَ يَدَّعِيهِ، فَلَا رُجُوعَ لِأَنَّهُ أَنْفَقَ عَلَى وَلَدِهِ بِزَعْمِهِ.
وَلَوْ مَاتَ الْوَلَدُ فِي زَمَنِ الْإِشْكَالِ، فَكَفَّنَهُ عَلَيْهِمَا، وَلِلْأُمِّ ثُلُثُ مَالِهِ، وَيُوقَفُ الْبَاقِي بَيْنَ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ حَتَّى يَصْطَلِحَا. فَإِنْ كَانَ لَهَا وَلَدَانِ آخَرَانِ، أَوْ كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجِ وَالْوَاطِئِ وَلَدَانِ، فَلَهَا السُّدُسُ. فَإِنْ كَانَ لِأَحَدِهِمَا وَلَدَانِ دُونَ الْآخَرِ، فَهَلْ لَهَا الثُّلُثُ لِلشَّكِّ فِي كَوْنِهِمَا أَخَوَيْنِ لِلْمَيِّتِ، أَمِ السُّدُسُ لِأَنَّهُ الْيَقِينُ؟ وَجْهَانِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute