تَبَيُّنِ الصِّحَّةِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَلَوْ نَكَحَهَا فِي الْقَرْءِ الثَّالِثِ، صَحَّ قَطْعًا، لِأَنَّهَا فِي عِدَّتِهِ إِنْ كَانَ الْحَمْلُ مِنَ الزَّوْجِ، وَإِلَّا فَغَيْرُ مُعْتَدَّةٍ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: سَنَذْكُرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الرَّجْعِيَّةَ تَسْتَحِقُّ النَّفَقَةَ فِي الْعِدَّةِ، وَأَنَّ الْبَائِنَ لَا تَسْتَحِقُّهَا إِلَّا إِذَا كَانَتْ حَامِلًا، وَنَذْكُرُ قَوْلَيْنِ فِي أَنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ، أَمْ لِلْحَامِلِ؟ وَقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ تِلْكَ النَّفَقَةَ تُصْرَفُ إِلَيْهَا يَوْمًا بِيَوْمٍ، أَمْ يُصْرَفُ الْجَمِيعُ إِلَيْهَا عِنْدَ الْوَضْعِ؟ وَأَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ إِذَا قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ.
إِذَا عُرِفَتْ هَذِهِ الْجُمَلُ، فَإِنْ قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، لَمْ تُطَالِبِ الْمَرْأَةُ الزَّوْجَ وَلَا الْوَاطِئَ بِالنَّفَقَةِ مُدَّةَ الْحَمْلِ الْمُحْتَمِلِ. فَإِذَا وَضَعَتْ، نُظِرَ، إِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالزَّوْجِ، طَالِبَتْهُ بِنَفَقَةِ مُدَّةِ الْحَمْلِ الْمَاضِيَةِ، وَهَذَا إِذَا لَمْ تَصِرْ فِرَاشًا لِلثَّانِي، بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ إِلَّا وَطْءُ شُبْهَةٍ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُسْتَثْنَى زَمَنُ اجْتِمَاعِهَا بِالثَّانِي، فَإِنْ صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ، بِأَنْ نَكَحَهَا جَاهِلًا وَبَقِيَتْ فِي فِرَاشِهِ حَتَّى وَضَعَتْ، فَلَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الزَّوْجِ، لِكَوْنِهَا نَاشِزَةً بِالنِّكَاحِ، فَإِنْ فَرَّقَ الْحَاكِمُ بَيْنَهُمَا قَبْلَ الْوَضْعِ، طَالَبَتْهُ بِالنَّفَقَةِ مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إِلَى الْوَضْعِ، ثُمَّ لَا نَفَقَةَ لَهَا عَلَى الْوَاطِئِ فِي عِدَّتِهَا عَنْهُ بِالْأَقْرَاءِ.
وَإِنْ أَلْحَقَهُ الْقَائِفُ بِالْوَاطِئِ، لَمْ يَلْزَمْ وَاحِدًا مِنْهُمَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ، وَيَلْزَمُ الزَّوْجَ نَفَقَةُ مُدَّةِ الْقَرْءَيْنِ بَعْدَ الْوَضْعِ إِذَا كَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا، وَيَلْزَمُهُ أَيْضًا نَفَقَةُ مُدَّةِ النِّفَاسِ عَلَى الْأَصَحِّ، كَمَا أَنَّ لَهُ الرَّجْعَةَ فِيهَا، وَلَا يَمْنَعُ ذَلِكَ كَوْنَهُ لَا يُحْسَبُ مِنَ الْعِدَّةِ كَمُدَّةِ الْحَيْضِ، وَإِنْ لَمْ نُلْحِقْهُ بِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، أَوْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ، فَلَا نَفَقَةَ عَلَى الْوَاطِئِ، وَلَا عَلَى الزَّوْجِ وَإِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، لِأَنَّا لَا نَعْلَمُ حَالَ الْحَمْلِ، وَلَا نَفَقَةَ إِذَا لَمْ يَكُنْ حَمْلٌ. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَلَا نَفَقَةَ لِمُدَّةِ كَوْنِهَا فِرَاشًا، وَلَهَا عَلَيْهِ الْأَقَلُّ مِنْ نَفَقَتِهَا مِنْ يَوْمِ التَّفْرِيقِ إِلَى الْوَضْعِ، وَنَفَقَتُهَا فِي الْقَدْرِ الَّذِي تُكْمِلُ بِهِ عِدَّةَ الطَّلَاقِ بَعْدَ الْوَضْعِ وَهُوَ قَرْءَانِ فِي الْمِثَالِ السَّابِقِ.
هَذَا إِذَا قُلْنَا: النَّفَقَةُ لِلْحَامِلِ، فَإِنْ قُلْنَا: إِنَّهَا لِلْحَمْلِ، فَعَلَى أَحَدِهِمَا نَفَقَةُ مُدَّةِ الْحَمْلِ بِيَقِينٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute