للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْقَاضِي حُسَيْنٌ، وَالْبَغَوِيُّ فِي «التَّهْذِيبِ» وَ «الْفَتَاوَى» ، وَالرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ: إِنْ كَانَ الطَّلَاقُ بَائِنًا، حُسِبَتْ مُدَّةُ الْمُعَاشَرَةِ مِنَ الْعِدَّةِ. وَإِنْ كَانَ رَجْعِيًّا، فَلَا، لِأَنَّ مُخَالَطَةَ الْبَائِنِ مُحَرَّمَةٌ بِلَا شُبْهَةٍ، فَأَشْبَهَتِ الزِّنَا بِهَا. وَفِي الرَّجْعِيَّةِ الشُّبْهَةُ قَائِمَةٌ، وَهُوَ بِالْمُخَالَطَةِ مُسْتَفْرِشٌ لَهَا، فَلَا يُحْسَبُ زَمَنُ الِاسْتِفْرَاشِ مِنَ الْعِدَّةِ، كَمَا لَوْ نَكَحَتْ فِي الْعِدَّةِ زَوْجًا جَاهِلًا بِالْحَالِ، لَا يُحْسَبُ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ.

ثُمَّ يَتَعَلَّقُ بِالْمَسْأَلَةِ فَرْعَانِ. أَحَدُهُمَا: قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : الَّذِي عِنْدِي، أَنَّهُ لَا رَجْعَةَ لِلزَّوْجِ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْأَقْرَاءِ، وَإِنْ لَمْ تَنْقَضِ الْعِدَّةُ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ فِي الْجَانِبَيْنِ. وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ مَا يُوَافِقُ هَذَا، وَأَمَّا لُحُوقُ الطَّلْقَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّالِثَةِ، فَيَسْتَمِرُّ إِلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ عَمَلًا بِالِاحْتِيَاطِ أَيْضًا، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ الرُّويَانِيُّ فِي الْحِلْيَةِ. الثَّانِي: قَالَ فِي الْبَسِيطِ: يَكْفِي فِي الْحُكْمِ بِالْمُعَاشَرَةِ الْخَلْوَةُ، وَلَا يَكْفِي دُخُولُ دَارٍ هِيَ فِيهَا، وَلَا يُشْتَرَطُ تَوَاصُلُ الْخَلْوَةِ، بَلْ يَكْفِي أَنْ يَخْلُوَ بِهَا اللَّيَالِيَ، وَيُفَارِقَهَا الْأَيَّامَ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ. فَلَوْ طَالَبَتِ الْمُفَارَقَةَ، ثُمَّ جَرَتْ خَلْوَةٌ، فَفِي الْبِنَاءِ عَلَى مَا مَضَى احْتِمَالَانِ. أَشْبَهُهُمَا: الْبِنَاءُ، وَأَجْرَى الْخِلَافَ الْمَذْكُورَ فِي الْأَصْلِ فِيمَا لَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ الْأَمَةَ فَعَاشَرَهَا السَّيِّدُ، هَلْ تُمْنَعُ مِنَ الِاحْتِسَابِ بِالْعِدَّةِ؟ قَالَ الْبَغَوِيُّ فِي «الْفَتَاوَى» : وَلَوْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ ثَلَاثًا وَنَكَحَهَا فِي الْعِدَّةِ عَلَى ظَنِّ أَنَّ عِدَّتَهَا انْقَضَتْ وَحَلَّتْ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهَا لَا يُحْسَبُ مِنَ الْعِدَّةِ كَالرَّجْعِيَّةِ، وَأَمَّا إِذَا خَالَطَ الْمُعْتَدَّةَ أَجْنَبِيٌّ عَالِمًا، فَلَا يُؤَثِّرُ، كَمَا لَا يُؤَثِّرُ وَطْؤُهُ. وَإِنْ خَالَطَ بِشُبْهَةٍ، فَيَجُوزُ أَنْ يُمْنَعَ مِنَ الِاحْتِسَابِ، كَمَا سَبَقَ أَنَّهَا فِي زَمَنِ الْوَطْءِ بِالشُّبْهَةِ خَارِجَةٌ عَنِ الْعِدَّةِ.

وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ، فِيمَا إِذَا كَانَتْ حَائِلًا، فَأَمَّا الْمُعْتَدَّةُ بِالْحَمْلِ، فَلَا شَكَّ أَنَّ مُعَاشَرَتَهَا لَا تَمْنَعُ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ بِالْوَضْعِ.

فَرْعٌ

سَبَقَ أَنَّهُ إِذَا نَكَحَ مُعْتَدَّةً عَلَى ظَنِّ الصِّحَّةِ، وَوَطِئَهَا، لَمْ يُحْسَبْ زَمَنُ اسْتِفْرَاشِهِ إِيَّاهَا عَنْ عِدَّةِ الطَّلَاقِ. وَمِنْ أَيِّ وَقْتٍ يُحْكَمُ بِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ؟ فِيهِ أَرْبَعَةُ أَوْجُهٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>