فَرْعٌ
لَوِ اتَّخَذَ دَارَهُ الْمَحْفُوفَةَ بِالْمَسَاكِنِ حَمَّامًا، أَوِ إِصْطَبْلًا، أَوْ طَاحُونَةً، أَوْ حَانُوتَهُ فِي صَفِّ الْعَطَّارِينَ حَانُوتَ حَدَّادٍ أَوْ قَصَّارٍ عَلَى خِلَافِ الْعَادَةِ، فَفِيهِ وَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: يُمْنَعُ، لِلْإِضْرَارِ. وَأَصَحُّهُمَا: الْجَوَازُ، لِأَنَّهُ مُتَصَرِّفٌ فِي خَالِصِ مِلْكِهِ، وَفِي مَنْعِهِ إِضْرَارٌ بِهِ. وَهَذَا إِذَا احْتَاطَ وَأَحْكَمَ الْجُدْرَانَ بِحَيْثُ يَلِيقُ بِمَا يَقْصِدُهُ، فَإِنْ فَعَلَ مَا الْغَالِبُ فِيهِ ظُهُورُ الْخَلَلِ فِي حِيطَانِ الْجَارِ، فَالْأَصَحُّ: الْمَنْعُ، وَذَلِكَ مِثْلُ أَنْ يَدُقَّ الشَّيْءَ فِي دَارِهِ دَقًّا عَنِيفًا تَتَزَعْزَعُ مِنْهُ الْحِيطَانُ، أَوْ حَبَسَ الْمَاءَ فِي مِلْكِهِ بِحَيْثُ تَنْتَشِرُ مِنْهُ النَّدَاوَةُ إِلَى حِيطَانِ الْجَارِ.
وَلَوِ اتَّخَذَ دَارَهُ مَدْبَغَةً، أَوْ حَانُوتَهُ مَخْبَزَةً حَيْثُ لَا يُعْتَادُ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يُمْنَعُ فِي الصُّورَةِ السَّابِقَةِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا فَفِيهِ تَرَدُّدٌ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ. وَاخْتَارَ الرُّوْيَانِيُّ فِي كُلِّ هَذَا، أَنْ يَجْتَهِدَ الْحَاكِمُ فِيهَا، وَيَمْنَعَ إِنْ ظَهَرَ لَهُ التَّعَنُّتُ وَقَصْدُ الْفَسَادِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي إِطَالَةِ الْبَنَّاءِ وَمَنْعِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ.
لَوْ حَفَرَ فِي مِلْكِهِ بِئْرَ بَالُوعَةٍ وَفَسَدَ بِهَا مَاءُ بِئْرِ جَارِهِ، فَهُوَ مَكْرُوهٌ، لَكِنْ لَا يُمْنَعُ مِنْهُ، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَخَالَفَ فِيهِ الْقَفَّالُ.
لَا يُمْنَعُ مِنْ إِحْيَاءِ مَا وَرَاءَ الْحَرِيمِ، قَرُبَ، أَمْ بَعُدَ، وَسَوَاءٌ أَحْيَاهُ أَهْلُ الْعُمْرَانِ، أَمْ غَيْرُهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute