بَاعَ نَصِيبَ الْعَامِلِ كُلَّهُ أَوْ بَعْضَهُ بِحَسَبِ الْحَاجَةِ لِلْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ، وَاسْتَأْجَرَ بِثَمَنِهِ. وَإِنْ كَانَ قَبْلَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، إِمَّا قَبْلَ خُرُوجِ الثَّمَرَةِ أَوْ بَعْدَهُ، اسْتَقْرَضَ عَلَيْهِ مِنَ الْمَالِكِ أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، وَاسْتَأْجَرَ بِهِ، ثُمَّ يَقْضِيهِ الْعَامِلُ إِذَا رَجَعَ، أَوْ يُقْضَى مِنْ نَصِيبِهِ مِنَ الثَّمَرَةِ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ، أَوِ الْإِدْرَاكِ.
وَلَوْ وَجَدَ مَنْ يَسْتَأْجِرُهُ بِأُجْرَةٍ مُؤَجَّلَةٍ، اسْتَغْنَى عَنِ الِاقْتِرَاضِ. وَإِنْ فَعَلَ الْمَالِكُ بِنَفْسِهِ، أَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهِ لِيَرْجِعَ، يُنْظَرُ، إِنْ قَدَرَ عَلَى مُرَاجَعَةِ الْحَاكِمِ، أَوْ لَمْ يَقْدِرْ وَقَدَرَ عَلَى الْإِشْهَادِ فَلَمْ يَفْعَلْ، لَمْ يَرْجِعْ. وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الْإِشْهَادُ، فَفِي رُجُوعِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ: لَا يَرْجِعُ، لِأَنَّهُ عُذْرٌ نَادِرٌ.
وَحُكِيَ وَجْهٌ: أَنَّهُ يَرْجِعُ وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنَ الْإِشْهَادِ، وَهُوَ شَاذٌّ. وَإِنْ أَشْهَدْ، رَجَعَ عَلَى الْأَصَحِّ، لِلضَّرُورَةِ. وَقِيلَ: لَا، لِئَلَّا يَصِيرَ حَاكِمًا لِنَفْسِهِ.
ثُمَّ الْإِشْهَادُ الْمُعْتَبَرُ، أَنْ يَشْهَدَ عَلَى الْعَمَلِ أَوِ الِاسْتِئْجَارِ، وَأَنَّهُ بَذَلَ ذَلِكَ بِشَرْطِ الرُّجُوعِ. فَأَمَّا الْإِشْهَادُ عَلَى الْعَمَلِ أَوِ الِاسْتِئْجَارِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِلرُّجُوعِ، فَهُوَ كَتَرْكِ الْإِشْهَادِ، قَالَهُ فِي «الشَّامِلِ» . وَإِذَا أَنْفَقَ الْمَالِكُ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ لِيَرْجِعَ، فَوَجْهَانِ. وَجْهُ الْمَنْعِ: أَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي حَقِّ نَفْسِهِ. فَطَرِيقُهُ: أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إِلَى الْحَاكِمِ لِيَأْمُرَ غَيْرَهُ بِالْإِنْفَاقِ. وَلَوِ اسْتَأْجَرَهُ لِبَاقِي الْعَمَلِ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ أَجَّرَ دَارَهُ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَهَا مِنَ الْمُسْتَأْجِرِ. وَمَتَى تَعَذَّرَ إِتْمَامُ الْعَمَلِ بِالِاسْتِقْرَاضِ وَغَيْرِهِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الثَّمَرَةُ خَرَجَتْ، فَلِلْمَالِكِ فَسْخُ الْعَقْدِ عَلَى الصَّحِيحِ، لِلتَّعَذُّرِ وَالضَّرُورَةِ. وَقَالَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ: لَا يَفْسَخُ، لَكِنْ يَطْلُبُ الْحَاكِمُ مَنْ يُسَاقِي عَنِ الْعَامِلِ، فَرُبَّمَا فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ.
وَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ قَدْ خَرَجَتْ، فَهِيَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَهُمَا. فَإِنْ بَدَا صَلَاحُهَا، بِيعَ نَصِيبُ الْعَامِلِ كُلُّهُ أَوْ بَعْضُهُ بِقَدْرِ مَا يُسْتَأْجَرُ بِهِ عَامِلٌ. وَإِنْ لَمْ يَبْدُ، تَعَذَّرَ [بِيعَ] نَصِيبُهُ وَحْدَهُ، لِأَنَّ شَرْطَ الْقَطْعِ فِي الْمَشَاعِ لَا يَكْفِي. فَإِمَّا أَنْ يَبِيعَ الْمَالِكُ نَصِيبَهُ مَعَهُ لِيَشْرُطَ الْقَطْعَ فِي الْجَمِيعِ، وَإِمَّا أَنْ يَشْتَرِيَ الْمَالِكُ نَصِيبَهُ، فَيَصِحَّ عَلَى الْأَصَحِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute