الثَّانِيَةُ: قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ دِرْهَمٌ أَوْ دِينَارٌ، لَزِمَهُ أَحَدُهُمَا، وَطُولِبَ بِتَعْيِينِهِ. وَقِيلَ: لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَهُوَ ضَعِيفٌ جِدًّا.
الثَّالِثَةُ: قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ، أَوْ عَلَى زَيْدٍ أَوْ عَلَى عَمْرٍو، لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ. وَكَذَا لَوْ قَالَ عَلَى سَبِيلِ الْإِقْرَارِ: أَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ لَا، وَإِنْ ذَكَرَهُ فِي مَعْرِضِ الْإِنْشَاءِ، طُلِّقَتْ، كَمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلَاقًا لَا يَقَعُ عَلَيْكَ.
الرَّابِعَةُ: قَالَ: لِزَيْدٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، وَإِلَّا فَلِعَمْرٍو عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ، لَزِمَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ لِزَيْدٍ، وَكَلَامُهُ الْآخَرُ لِلتَّأْكِيدِ.
الْخَامِسَةُ: الْإِقْرَارُ الْمُطْلَقُ، مُلْزِمٌ، وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْمُقِرُّ عَلَى الصَّحِيحِ الْمَعْرُوفِ. وَخَرَجَ وَجْهٌ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ حَتَّى يُسْأَلَ الْمُقِرُّ عَنْ سَبَبِ اللُّزُومِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالْإِقْرَارُ لَيْسَ مُوجِبًا فِي نَفْسِهِ، وَأَسْبَابُ الْوُجُوبِ مُخْتَلَفٌ فِيهَا. وَرُبَّمَا ظَنَّ مَا لَيْسَ بِمُوجَبٍ مُوجَبًا، وَهَذَا كَمَا أَنَّ الْجَرْحَ الْمُطْلَقَ لَا يُقْبَلُ، وَكَمَا لَوْ أَقَرَّ بِأَنَّ فَلَانًا وَارِثُهُ، لَا يُقْبَلُ حَتَّى يُبَيِّنَ جِهَةَ الْإِرْثِ.
السَّادِسَةُ: قَالَ: وَهَبْتُ لَكَ كَذَا وَخَرَجْتُ مِنْهُ إِلَيْكَ، فَالْأَصَحُّ أَنْ لَا يَكُونَ مُقِرًّا بِالْإِقْبَاضِ، لِجَوَازِ أَنْ يُرِيدَ الْخُرُوجَ مِنْهُ بِالْهِبَةِ. وَقَالَ الْقَفَّالُ وَالشَّاشِيُّ: هُوَ إِقْرَارٌ بِالْإِقْبَاضِ؛ لِأَنَّهُ نَسَبَ إِلَى نَفْسِهِ مَا يُشْعِرُ بِالْإِقْبَاضِ بَعْدَ الْعَقْدِ الْمَفْرُوغِ مِنْهُ.
السَّابِعَةُ: أَقَرَّ الْأَبُ بِعَيْنِ مَالٍ لِابْنِهِ، فَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُ إِقْرَارِهِ مَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُسْتَنَدُهُ مَا لَا يَمْنَعُ وَهُوَ الْهِبَةُ، فَهَلْ لَهُ الرُّجُوعُ؟ وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: نَعَمْ، وَبِهِ أَفْتَى الْقَاضِيَانِ: أَبُو الطَّيِّبِ، وَالْمَاوَرْدِيُّ، تَنْزِيلًا لِلْإِقْرَارِ عَلَى أَضْعَفِ الْمِلْكَيْنِ، وَأَدْنَى السَّبَبَيْنِ، كَمَا يَنْزِلُ عَلَى أَقَلِّ الْمِقْدَارَيْنِ.
وَالثَّانِي: لَا، قَالَهُ أَبُو عَاصِمٍ الْعَبَّادِيُّ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الْمِلْكِ لِلْمُقَرِّ لَهُ. وَيُمْكِنُ أَنْ يَتَوَسَّطَ فَيُقَالَ: إِنْ أَقَرَّ بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ مِنْهُ إِلَى الِابْنِ، فَالْأَمْرُ عَلَى مَا قَالَ الْقَاضِيَانِ، وَإِنْ أَقَرَّ بِالْمِلْكِ الْمُطْلَقِ، فَالْأَمْرُ كَمَا قَالَ الْعَبَّادِيُّ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute