فَأَمَّا الْجِرَاحَاتُ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ فِي الْحُرِّ، وَإِمَّا لَا، وَالْوَاجِبُ فِي الْحَالَيْنِ، مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قَبْلُ. وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ بِالْجِنَايَةِ، كَانَ الْمُعْتَبَرُ حَالَ الِانْدِمَالِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ نَقْصٌ لَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ. وَإِذَا كَانَ الْوَاجِبُ مُقَدَّرًا مِنَ الْقِيمَةِ كَالْمُقَدَّرِ مِنَ الدِّيَةِ، فَهَلْ يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ، أَمْ يُؤْخَذُ فِي الِانْدِمَالِ؟ قَوْلَانِ، كَمَا لَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى حُرٍّ، وَسَيَأْتِي
[ذَلِكَ] فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَإِذَا كَانَ الْجَانِي غَيْرَ الْغَاصِبِ وَغَرَّمْنَاهُ الْمُقَدَّرَ مِنَ الْقِيمَةِ، وَكَانَ النَّاقِصُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ الْقَدْرِ، فَعَلَى الْغَاصِبِ مَا زَادَ. وَإِنْ كَانَ الْمُقَدَّرُ أَكْثَرَ مِمَّا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ، فَهَلْ يُطَالِبُ الْغَاصِبُ بِالزِّيَادَةِ عَلَى مَا نَقَصَ؟ ذَكَرْنَا فِيمَا إِذَا سَقَطَتْ يَدُهُ بِآفَةٍ: أَنَّ الْأَصَحَّ: أَنَّهُ لَا يُطَالِبُ. وَهُنَا الْأَصَحُّ: أَنَّهُ يُطَالِبُ، وَالْقَرَارُ عَلَى الْجَانِي. وَاخْتَلَفُوا فِيمَا لَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ قِصَاصًا أَوْ حَدًّا، لِأَنَّهُ يُشْبِهُ السُّقُوطَ بِآفَةٍ مِنْ حَيْثُ أَنَّهُ تَلَفٌ لَا بَدَلَ لَهُ، وَيُشْبِهُ الْجِنَايَةَ مِنْ حَيْثُ حُصُولُهُ بِالِاخْتِيَارِ.
فَرْعٌ
لَوِ اجْتَمَعَتْ جِنَايَةُ الْمَغْصُوبِ وَالْجِنَايَةُ عَلَيْهِ، بِأَنْ قَتَلَ إِنْسَانًا، ثُمَّ قَتَلَهُ فِي يَدِ الْغَاصِبِ عَبْدُ رَجُلٍ، فَلِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ أَنْ يَقْتَصَّ وَيَسْقُطُ بِهِ الضَّمَانُ عَنِ الْغَاصِبِ، وَيَسْقُطُ حَقُّ وَرَثَةِ مَنْ قَتَلَهُ الْمَغْصُوبُ، لِأَنَّ الْعَبْدَ الْجَانِيَ إِذَا هَلَكَ [وَ] لَمْ يَحْصُلْ لَهُ عِوَضٌ، يَضِيعُ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، لَكِنْ لَوْ كَانَ الْمَغْصُوبُ قَدْ نَقَصَ عِنْدَ الْغَاصِبِ بِحُدُوثِ عَيْبٍ بَعْدَمَا جَنَى، لَمْ يَبْرَأِ الْغَاصِبُ مِنْ أَرْشِ ذَلِكَ النَّقْصِ، وَلِوَلِيِّ مَنْ قَتَلَهُ التَّمَسُّكُ بِهِ، وَإِنْ حَدَثَ الْعَيْبُ قَبْلَ جِنَايَتِهِ، فَازَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بِالْأَرْشِ. فَلَوْ لَمْ يَقْتَصَّ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ بَلْ عَفَا عَلَى مَالٍ، أَوْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ مُوجِبَةً لِلْمَالِ، فَحُكْمُ تَغْرِيمِهِ وَأَخْذِهِ الْمَالَ عَلَى مَا سَبَقَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute