فَرْعٌ
سَوَاءٌ كَانَتِ الْمُرْضِعَةُ مُزَوَّجَةً، أَمْ بِكْرًا، أَمْ بِخِلَافِهِمَا، وَقِيلَ: لَا يُحَرِّمُ لَبَنُ الْبِكْرِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْبُوَيْطِيِّ.
نَصَّ فِي الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ إِذَا نَزَلَ لِرَجُلٍ لَبَنٌ، فَارْتَضَعَتْهُ صَبِيَّةٌ، كُرِهَ لَهُ نِكَاحُهَا.
الرُّكْنُ الثَّانِي: اللَّبَنُ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِثُبُوتِ التَّحْرِيمِ بَقَاءُ اللَّبَنِ عَلَى هَيْئَتِهِ حَالَةَ انْفِصَالِهِ عَنِ الثَّدْيِ، فَلَوْ تَغَيَّرَ بِحُمُوضَةٍ، أَوِ انْعِقَادٍ، أَوْ إِغْلَاءٍ أَوْ صَارَ جُبْنًا، أَوْ أَقِطًا، أَوْ زُبْدًا، أَوْ مَخِيضًا، وَأُطْعِمَ الصَّبِيُّ، حَرَّمَ لِوُصُولِ اللَّبَنِ إِلَى الْجَوْفِ، وَحُصُولِ التَّغْذِيَةِ. وَلَوْ ثُرِدَ فِيهِ طَعَامٌ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ. وَلَوْ عُجِنَ بِهِ دَقِيقٌ وَخُبِزَ؛ تَعَلَّقَتْ بِهِ الْحُرْمَةُ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ خُلِطَ بِمَائِعٍ إِمَّا دَوَاءٍ، وَإِمَّا غَيْرِهِ، حَلَالٍ كَالْمَاءِ وَلَبَنِ الشَّاةِ، أَوْ حَرَامٍ كَالْخَمْرِ، نُظِرَ إِنْ كَانَ اللَّبَنُ غَالِبًا تَعَلَّقَتِ الْحُرْمَةُ بِالْمَخْلُوطِ، فَلَوْ شَرِبَ الصَّبِيُّ مِنْهُ خَمْسَ مَرَّاتٍ ثَبَتَ التَّحْرِيمُ، وَإِنْ كَانَ اللَّبَنُ مَغْلُوبًا فَقَوْلَانِ، أَحَدُهُمَا: لَا يَتَعَلَّقُ بِهِ تَحْرِيمٌ كَالنَّجَاسَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي الْمَاءِ الْكَثِيرِ لَا أَثَرَ لَهَا، وَكَالْخَمْرِ الْمُسْتَهْلَكَةِ فِي غَيْرِهَا لَا يَتَعَلَّقُ بِهَا حَدٌّ، وَكَالْمُحْرِمِ يَأْكُلُ طَعَامًا اسْتُهْلِكَ فِيهِ طِيبٌ، لَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ. وَأَظْهَرُهُمَا: يَتَعَلَّقُ بِهِ التَّحْرِيمُ لِوُصُولِ عَيْنِ اللَّبَنِ فِي الْجَوْفِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمُعْتَبَرُ، وَلِهَذَا يُؤَثِّرُ كَثِيرُ اللَّبَنِ وَقَلِيلُهُ، وَلَيْسَ كَالنَّجَاسَةِ، فَإِنَّهَا تَجْنِيبٌ لِلِاسْتِقْذَارِ، وَهُوَ مُنْدَفِعٌ بِالْكَثْرَةِ، وَلَا كَالْخَمْرِ، فَإِنَّ الْحَدَّ مَنُوطٌ بِالشِّدَّةِ الْمُزِيلَةِ لِلْعَقْلِ، وَلَا كَالْمُحْرِمِ، فَإِنَّهُ مَمْنُوعٌ مِنَ التَّطَيُّبِ، وَلَيْسَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute