للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخِيَارَ فِي الْحَالِ، لَكِنَّ الْقَاضِيَ يَضْرِبُ لِلزَّوْجِ مُدَّةَ سَنَةٍ يُمْهِلُهُ فِيهَا، وَابْتِدَاؤُهَا مِنْ وَقْتِ ضَرْبِ الْقَاضِي لَا مِنْ وَقْتِ إِقْرَارِهِ ; لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ، وَإِنَّمَا تُضْرَبُ الْمُدَّةُ إِذَا طَلَبَتِ الْمَرْأَةُ، لَكِنْ لَوْ سَكَتَتْ وَحَمَلَ الْقَاضِي سُكُوتَهَا عَلَى دَهْشَةٍ أَوْ جَهْلٍ، فَلَا بَأْسَ بِتَنْبِيهِهَا ثُمَّ قَوْلُهَا: أَنَا طَالِبَةُ حَقِّي عَلَى مُوجَبِ الشَّرْعِ، كَافٍ فِي ضَرْبِ الْمُدَّةِ، وَإِنْ جَهَلَتْ تَفْصِيلَ الْحُكْمِ، وَسَوَاءٌ فِي الْمُدَّةِ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ، فَإِذَا تَمَّتْ السَّنَةُ وَلَمْ يُصِبْهَا، لَمْ يَنْفَسِخِ النِّكَاحُ، وَلَيْسَ لَهَا فَسْخُهُ، بَلْ تَرْفَعُهُ ثَانِيًا إِلَى الْقَاضِي. وَعَنِ الْإِصْطَخْرِيِّ، أَنَّ لَهَا الْفَسْخَ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ.

وَإِذَا رَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَإِنِ ادَّعَى الْإِصَابَةَ فِي الْمُدَّةِ، حُلِّفَ، فَإِنْ نَكَلَ، رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمَرْأَةِ، وَفِيهِ الْخِلَافُ السَّابِقُ. وَإِذَا حَلَفَتْ، أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ لَمْ يُصِبْهَا فِي الْمُدَّةِ، فَقَدْ جَاءَ وَقْتُ الْفَسْخِ، فَإِنِ اسْتَمْهَلَ ثَلَاثًا، فَهَلْ يُمْهَلُ؟ فِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ فِي الْإِيلَاءِ. وَفِي اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الِاسْتِقْلَالُ كَمَا يَسْتَقِلُّ بِالْفَسْخِ مَنْ وَجَدَ بِالْمَبِيعِ تَغَيُّرًا وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ كَوْنَهُ عَيْبًا، وَأَقَامَ الْمُشْتَرِي بَيِّنَةً عِنْدَ الْقَاضِي. وَالثَّانِي: أَنَّ الْفَسْخَ إِلَى الْقَاضِي ; لِأَنَّهُ مَحَلُّ نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ، أَوْ يَأْمُرُهَا بِالْفَسْخِ، وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ فِي الِاسْتِقْلَالِ بَعْدَ الْمُرَافَعَةِ، وَالْوَجْهَانِ السَّابِقَانِ فِي فَصْلِ الْعُيُوبِ مَفْرُوضَانِ فِي الِاسْتِقْلَالِ دُونَ الْمُرَافَعَةِ.

وَإِذَا قُلْنَا: لَهَا الْفَسْخُ بِنَفْسِهَا، فَهَلْ يَكْفِي لِنُفُوذِ الْفَسْخِ إِقْرَارُ الزَّوْجِ، أَمْ لَا بُدَّ مِنْ قَوْلِ الْقَاضِي: ثَبَتَتِ الْعُنَّةُ أَوْ ثَبَتَ حَقُّ الْفَسْخِ فَاخْتَارِي؟ فِيهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الثَّانِي. وَلَوْ قَالَتْ: اخْتَرْتُ الْفَسْخَ، وَلَمْ يَقُلِ الْقَاضِي: نَفَّذَتْهُ، ثُمَّ رَجَعَتْ، هَلْ يَصِحُّ الرُّجُوعُ وَيَبْطُلُ الْفَسْخُ؟ وَجْهَانِ فِي «مَجْمُوعِ ابْنِ الْقَطَّانِ» . أَصَحُّهُمَا: الْمَنْعُ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْخِلَافُ مُفَرَّعًا عَلَى اسْتِقْلَالِهَا بِالْفَسْخِ، أَمَّا إِذَا فَسَخَتْ بِإِذْنٍ، فَإِنَّ الْإِذْنَ السَّابِقَ كَالتَّنْفِيذِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>