يُنْفِقُ عَلَى مَنْ عَلَيْهِ مُؤْنَتُهُ مِنَ الزَّوْجَاتِ وَالْأَقَارِبِ ; لِأَنَّهُ مُوسِرٌ مَا لَمْ يَزُلْ مِلْكُهُ. وَكَذَلِكَ يَكْسُوهُمْ بِالْمَعْرُوفِ. هَذَا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ يُصْرَفُ إِلَى هَذِهِ الْجِهَاتِ. وَأَمَّا قَدْرُ نَفَقَةِ الزَّوْجَاتِ، فَقَالَ الْإِمَامُ: لَا شَكَّ أَنَّ نَفَقَتَهُ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِينَ. وَقَالَ الرُّويَانِيُّ: نَفَقَةُ الْمُوسِرِينَ. وَهَذَا قِيَاسُ الْبَابِ، إِذْ لَوْ كَانَ نَفَقَةُ الْمُعْسِرِ، لَمَا أُنْفِقَ عَلَى الْقَرِيبِ.
قُلْتُ: يُرَجَّحُ قَوْلُ إِمَامِ الْحَرَمَيْنِ بِنَصِّ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذْ قَالَ فِي الْمُخْتَصَرِ: أُنْفِقَ عَلَيْهِ وَعَلَى أَهْلِهِ كُلَّ يَوْمٍ أَقَلَّ مَا يَكْفِيهِمْ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الثَّانِيَةُ: يُبَاعُ مَسْكَنُهُ وَخَادِمُهُ. وَإِنْ كَانَ مُحْتَاجًا إِلَى مَنْ يَخْدِمُهُ لِزَمَانَةٍ، أَوْ كَانَ مَنْصِبُهُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ وَالْمَنْصُوصُ. وَفِي وَجْهٍ، يَبْقَيَانِ إِذَا كَانَا لَائِقَيْنِ بِهِ بِدُونِ النَّفِيسَيْنِ. وَفِي وَجْهٍ، يَبْقَى الْمَسْكَنُ فَقَطْ.
الثَّالِثَةُ: يُتْرَكُ لَهُ دَسْتُ ثِيَابٍ تَلِيقُ بِهِ، مِنْ قَمِيصِ، وَسَرَاوِيلَ، وَمِنْعَلٍ، وَمُكَعَّبٍ. وَإِنْ كَانَ فِي الشِّتَاءِ زَادَ جُبَّةً. وَيُتْرَكُ لَهُ عِمَامَةٌ، وَطَيْلَسَانٌ، وَخُفٌّ وَدُرَّاعَةٌ يَلْبَسُهَا فَوْقَ الْقَمِيصِ، إِنْ كَانَ يَلِيقُ بِهِ لُبْسُهَا. وَتَوَقَّفَ الْإِمَامُ فِي الْخُفِّ وَالطَّيْلَسَانِ وَقَالَ: تَرْكُهُمَا لَا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ. وَذَكَرَ أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِحَالِهِ فِي إِفْلَاسِهِ، لَا فِي بَسْطَتِهِ وَثَرْوَتِهِ. لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ كَلَامِ الْأَصْحَابِ، أَنَّهُمْ لَا يُوَافِقُونَهُ وَيُمْنَعُونَ قَوْلَهُ: تَرْكُهُمَا لَا يَخْرِمُ الْمُرُوءَةَ. وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ قَبْلَ إِفْلَاسِهِ فَوْقَ مَا يَلِيقُ بِمِثْلِهِ رَدَدْنَاهُ إِلَى مَا يَلِيقُ، وَلَوْ كَانَ يَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ تَقْتِيرًا لَمْ يُرَدَّ إِلَيْهِ. وَيُتْرَكُ لِعِيَالِهِ مِنَ الثَّوْبِ، كَمَا يُتْرَكُ لَهُ. وَلَا يُتْرَكُ الْفَرْشُ وَالْبُسُطُ، لَكِنْ يُسَامَحُ بِاللُّبَدِ وَالْحَصِيرَ الْقَلِيلِ الْقِيمَةِ.
الرَّابِعَةُ: يُتْرَكُ قُوتُ يَوْمِ الْقِسْمَةِ لَهُ وَلِمَنْ عَلَيْهِ نَفَقَتُهُ ; لِأَنَّهُ مُوسِرٌ فِي أَوَّلِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute