للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعَلَّقَ بِهَا حَقٌّ مَالِيٌّ، كَمَنْعِ الزَّكَاةِ، وَالْغَصْبِ، وَالْجِنَايَاتِ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ، وَجَبَ مَعَ ذَلِكَ تَبْرِئَةُ الذِّمَّةِ عَنْهُ، بِأَنْ يُؤَدِّيَ الزَّكَاةَ، وَيَرُدَّ أَمْوَالَ النَّاسِ إِنْ بَقِيَتْ، وَيَغْرَمُ بَدَلَهَا إِنْ لَمْ تَبْقَ، أَوْ يَسْتَحِلَّ الْمُسْتَحَقُّ، فَيُبَرِّئُهُ وَيَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ الْمُسْتَحِقُّ إِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ، وَأَنْ يُوَصِّلَهُ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ غَائِبًا إِنْ كَانَ غَصَبَهُ مِنْهُ هُنَاكَ، فَإِنْ مَاتَ، سَلَّمَهُ إِلَى وَارِثِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَارِثٌ وَانْقَطَعَ خَبَرُهُ، دَفَعَهُ إِلَى قَاضٍ تُرْضَى سِيرَتُهُ وَدِيَانَتُهُ، فَإِنْ تَعَذَّرَ، تَصَدَّقَ بِهِ عَلَى الْفُقَرَاءِ بِنِيَّةِ الْغَرَامَةِ لَهُ إِنْ وَجَدَهُ، ذَكَرَهُ الْعَبَّادِيُّ فِي «الرَّقْمِ» وَالْغَزَالِيُّ فِي غَيْرِ كُتُبِهِ الْفِقْهِيَّةِ. وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، نَوَى الْغَرَامَةَ إِذَا قَدِرَ، فَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الْقُدْرَةِ، فَالْمَرْجُوُّ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمَغْفِرَةُ.

قُلْتُ: ظَوَاهِرُ السُّنَنِ الصَّحِيحَةِ تَقْتَضِي ثُبُوتَ الْمُطَالَبَةِ بِالظُّلَامَةِ وَإِنْ مَاتَ مُعْسِرًا عَاجِزًا إِذَا كَانَ عَاصِيًا بِالْتِزَامِهَا، فَأَمَّا إِذَا اسْتَدَانَ فِي مَوَاضِعَ يُبَاحُ لَهُ الِاسْتِدَانَةُ، وَاسْتَمَرَّ عَجْزُهُ عَنِ الْوَفَاءِ حَتَّى مَاتَ، أَوْ أَتْلَفَ شَيْئًا خَطَأً، وَعَجَزَ عَنْ غَرَامَتِهِ حَتَّى مَاتَ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا لَا مُطَالَبَةَ فِي حَقِّهِ فِي الْآخِرَةِ، إِذْ لَا مَعْصِيَةَ مِنْهُ، وَالْمَرْجُوُّ أَنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - يُعَوِّضُ صَاحِبَ الْحَقِّ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ النِّكَاحِ: وَتُبَاحُ الِاسْتِدَانَةُ لِحَاجَةٍ فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ وَلَا سَرَفٍ إِذَا كَانَ يَرْجُو الْوَفَاءَ مِنْ جِهَةٍ، أَوْ سَبَبٍ ظَاهِرٍ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَإِنْ تَعَلَّقَ بِالْمَعْصِيَةِ حَقٌّ لَيْسَ بِمَالِيٍّ، فَإِنْ كَانَ حَدًّا لِلَّهِ تَعَالَى بِأَنْ زَنَى أَوْ شَرِبَ، فَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ، وَيُقِرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ، وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ، فَإِنْ ظَهَرَ، فَقَدْ فَاتَ

<<  <  ج: ص:  >  >>