وَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَكَلَهُ، لَكِنْ لَا يَنْفُذُ تَصَرُّفَهُ فِيهِ. وَإِذَا قُلْنَا بِالْوَجْهِ الثَّالِثِ، فَأَرْسَلَهُ تَقَرُّبًا إِلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَهَلْ يَحِلُّ اصْطِيَادُهُ لِرُجُوعِهِ إِلَى الْإِبَاحَةِ أَمْ لَا، كَالْعَبْدِ الْمُعْتَقِ؟ وَجْهَانِ:
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: الْحَلُّ، لِئَلَّا يَصِيرَ فِي مَعْنَى سَوَائِبِ الْجَاهِلِيَّةِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ أَلْقَى كِسْرَةَ خُبْزٍ مُعْرِضًا، فَهَلْ يَمْلِكُهَا مَنْ أَخَذَهَا؟ فِيهِ وَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ عَلَى إِرْسَالِ الصَّيْدِ. وَأَوْلَى بِأَنْ لَا يَمْلِكَ، بَلْ تَبْقَى عَلَى مِلْكِ الْمُلْقِي؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْمِلْكِ فِي الصَّيْدِ الْيَدُ، وَقَدْ أَزَالَهَا. قَالَ الْإِمَامُ: هَذَا الْخِلَافُ فِي زَوَالِ الْمِلْكِ، وَمَا فَعَلَهُ إِبَاحَةٌ لِلطَّاعِمِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّ الْقَرَائِنَ الظَّاهِرَةَ تَكْفِي الْإِبَاحَةَ. هَذَا لَفْظُ الْإِمَامِ، وَيُوَضِّحُهُ مَا نُقِلَ عَنِ الصَّالِحِينَ مِنَ الْتِقَاطِ السَّنَابِلِ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ: أَنَّهُ يَمْلِكُ الْكِسْرَةَ وَالسَّنَابِلَ وَنَحْوَهَا، وَيَصِحُّ تَصَرُّفُهُ فِيهَا بِالْبَيْعِ وَغَيْرِهِ، وَهَذَا ظَاهِرُ أَحْوَالِ السَّلَفِ، وَلَمْ يُحْكَ أَنَّهُمْ مَنَعُوا مَنْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، مِنَ التَّصَرُّفِ فِيهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ
لَوْ أَعْرَضَ عَنْ جِلْدِ مَيْتَةٍ، فَأَخَذَهُ غَيْرُهُ وَدَبَغَهُ، مَلَكَهُ عَلَى الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَمْلُوكًا لِلْأَوَّلِ، وَإِنْمَا كَانَ لَهُ اخْتِصَاصٌ ضَعِيفٌ زَالَ بِالْإِعْرَاضِ.
مَنْ صَادَ صَيْدًا عَلَيْهِ أَثَرُ مِلْكٍ، بِأَنْ كَانَ مَوْسُومًا أَوْ مُقَرَّطًا أَوْ مَخْضُوبًا،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute