إِيجَابِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الدَّعْوَى.
وَلَوْ أَحْضَرَ الْمُدَّعِي وَرَقَةً، وَحَرَّرَ فِيهَا دَعْوَاهُ، وَقَالَ: أَدَّعِي مَا فِيهَا، وَأَدَّعِي ثَوْبًا بِالصِّفَاتِ الْمَكْتُوبَةِ فِيهَا، فَفِي الِاكْتِفَاءِ بِهِ لِصِحَّةِ الدَّعْوَى وَجْهَانِ.
الشَّرْطُ الثَّانِي: كَوْنُهَا مُلْزَمَةٌ، فَلَوْ قَالَ: وَهَبَ لِي كَذَا أَوْ بَاعَ، لَمْ تُسْمَعْ دَعْوَاهُ حَتَّى يَقُولَ: وَيَلْزَمُهُ التَّسْلِيمُ إِلَيَّ لِأَنَّهُ قَدْ يَهِبُ وَيَبِيعُ، وَيَنْقُضُهَا قَبْلَ الْقَبْضِ هَكَذَا نَقَلَهُ الرُّويَانِيُّ وَالْغَزَالِيُّ وَغَيْرُهُمَا.
وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ أَنَّهُ يَقُولُ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ: لِي فِي ذِمَّتِهِ كَذَا، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ مِنَ الْأَدَاءِ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، قَالَ: وَإِنَّمَا يَتَعَرَّضُ لِوُجُوبِ الْأَدَاءِ؛ لِأَنَّ الدَّيْنَ الْمُؤَجَّلَ لَا يَجِبُ أَدَاؤُهُ فِي الْحَالِ، وَكَانَ هَذَا إِذَا قَصَدَ بِالدَّعْوَى تَحْصِيلَ الْمُدَّعَى، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَقْصُودُ بِالدَّعْوَى دَفْعَ الْمُنَازَعَةِ، وَلَا يُشْتَرَطُ التَّعَرُّضُ لِوُجُوبِ التَّسْلِيمِ.
قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِي وَهُوَ يَمْنَعْنِيهَا، صَحَّتِ الدَّعْوَى، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ: هِيَ فِي يَدِهِ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يُنَازِعَهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِهِ، وَإِذَا ادَّعَى وَلَمْ يَقُلْ لِلْقَاضِي: مُرْهُ بِالْخُرُوجِ عَنْ حَقِّي، أَوْ سَلْهُ جَوَابَ دَعْوَايَ، فَهَلْ يُطَالِبُهُ الْقَاضِي؟ وَجْهَانِ، قَالَ ابْنُ الصَّبَّاغِ: الْأَصَحُّ نَعَمْ، لِلْعِلْمِ بِأَنَّهُ الْغَرَضُ مِنَ الْحُضُورِ وَإِنْشَاءِ الدَّعْوَى، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ: الْأَصَحُّ لَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، فَلَا يُسْتَوْفَى إِلَّا بِاقْتِرَاحِهِ كَالْيَمِينِ.
قُلْتُ: الْأَوَّلُ أَقْوَى. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَعَلَى هَذَا الثَّانِي طَلَبُ الْجَوَابِ شَرْطٌ آخَرُ فِي صِحَّةِ الدَّعْوَى، وَسَوَاءٌ شَرَطْنَا هَذَا الِاقْتِرَاحَ، أَمْ لَمْ نَشْرُطْهُ فَاقْتَرَحَهُ، فَيُمْكِنُ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute