للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بَكْرٍ مِثْلُهُ، يَجُوزُ لِزَيْدٍ أَنْ يَأْخُذَ مَالَ بَكْرٍ بِمَالِهِ عَلَى عَمْرٍو، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ رَدُّ عَمْرٍو، وَإِقْرَارُ بَكْرٍ وَلَا جُحُودُ بَكْرٍ اسْتِحْقَاقَ زَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو.

فَرْعٌ

جَحَدَ دَيْنَهُ، وَلَهُ عَلَيْهِ صَكٌّ بِدَيْنٍ آخَرَ قَدْ قَبَضَهُ، وَشُهُودُ الصَّكِّ لَا يَعْلَمُونَ الْقَبْضَ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو سَعْدٍ: لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ ذَلِكَ، وَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، وَيَقْبِضَهُ بِدَيْنِهِ الْآخَرِ، وَفِي فَتَاوَى الْقَفَّالِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: الصَّحِيحُ قَوْلُ أَبِي سَعْدٍ وَلَوْ حَدَثَتْ مِنَ الْمَأْخُوذِ زِيَادَةٌ قَبْلَ تَمَلُّكِهِ حَيْثُ جَوَّزَ أَوْ قَبِلَ بَيْعَهُ، فَهِيَ عَلَى مِلْكِ الْمَأْخُوذِ مِنْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ فِي حَدِّ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَيُحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَتِهِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمُدَّعِي، وَالْيَمِينَ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، لِقُوَّةِ جَانِبِهِ، وَفِيهِ قَوْلَانِ مُسْتَنْبَطَانِ مِنِ اخْتِلَافِ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ إِسْلَامِ الزَّوْجَيْنِ الَّتِي سَنَذْكُرُهَا الْآنَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

أَظْهَرُهُمَا عِنْدَ الْجُمْهُورِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ مَنْ يَدَّعِي أَمْرًا خَفِيًّا يُخَالِفُ الظَّاهِرَ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ يُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ.

وَالثَّانِي: الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ خُلِّيَ وَلَمْ يُطَالَبْ بِشَيْءٍ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَنْ لَا يُخَلَّى وَلَا يَكْفِيهِ السُّكُوتُ، فَإِذَا ادَّعَى زِيدٌ دَيْنًا فِي ذِمَّةِ عَمْرٍو، أَوْ عَيْنًا فِي يَدِهِ فَأَنْكَرَ فَزِيدٌ هُوَ الَّذِي لَوْ سَكَتَ تَرَكَ، وَهُوَ الَّذِي يَذْكُرُ خِلَافَ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ بَرَاءَةُ ذِمَّةِ عَمْرٍو، وَفَرَاغُ يَدِهِ مِنْ حَقِّ غَيْرِهِ، وَعَمْرٌو هُوَ الَّذِي لَا يَتْرُكُ، وَيُوَافِقُ قَوْلُهُ الظَّاهِرَ، فَزَيْدٌ مُدَّعٍ بِمُقْتَضَى الْقَوْلَيْنِ وَعَمْرٌو مُدَّعًى عَلَيْهِ.

وَلَا يَخْتَلِفُ مُوجِبُهُمَا غَالِبًا، وَقَدْ يَخْتَلِفُ كَمَا إِذَا أَسْلَمَ زَوْجَانِ قَبْلَ الدُّخُولِ، فَقَالَ الزَّوْجُ: أَسْلَمْنَا مَعًا، فَالنِّكَاحُ بَاقٍ، وَقَالَتْ: بَلْ عَلَى التَّعَاقُبِ وَلَا نِكَاحَ، فَإِنْ قُلْنَا: الْمُدَّعِي مَنْ لَوْ سَكَتَ تُرِكَ، فَالْمَرْأَةُ مُدَّعِيَةٌ وَهُوَ مُدَّعًى عَلَيْهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>