فَرْعٌ
ذَكَرَ الْأَصْحَابُ أَنَّ صَرِيحَ الطَّلَاقِ ثَلَاثَةٌ: الطَّلَاقُ، وَالسَّرَاحُ، وَالْفِرَاقُ، وَأَهْمَلُوا ذِكْرَ شَيْئَيْنِ هُنَا أَحَدُهُمَا: لَفْظُ الْخُلْعِ، وَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا فِي الطَّلَاقِ خِلَافٌ سَبَقَ، وَالثَّانِي: قَوْلُهُ الْحَلَّالُ عَلَيَّ حَرَامٌ، وَفِي كَوْنِهِ صَرِيحًا خِلَافٌ نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى قَرِيبًا.
تَرْجَمَةُ لَفْظِ الطَّلَاقِ بِالْعَجَمِيَّةِ وَسَائِرِ اللُّغَاتِ، صَرِيحٌ عَلَى الْمَذْهَبِ لِشُهْرَةِ اسْتِعْمَالِهَا فِي مَعْنَاهَا عِنْدَ أَهْلِ تِلْكَ اللُّغَاتِ، كَشُهْرَةِ الْعَرَبِيَّةِ عِنْدَ أَهْلِهَا، وَقِيلَ: وَجْهَانِ. ثَانِيهِمَا: أَنَّهَا كِنَايَةٌ، وَتَرْجَمَةُ السَّرَاحِ وَالْفِرَاقِ فِيهَا الْخِلَافُ، لَكِنَّ الْأَصَحَّ هُنَا أَنَّهَا كِنَايَةٌ، قَالَهُ الْإِمَامُ وَالرُّويَانِيُّ، لِأَنَّ تَرْجَمَتَهُمَا بَعِيدَةٌ عَنْ الِاسْتِعْمَالِ.
إِذَا اشْتُهِرَ فِي الطَّلَاقِ لَفْظٌ سِوَى الْأَلْفَاظِ الثَّلَاثَةِ الصَّرِيحَةِ، كَحَلَّالِ اللَّهِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوْ أَنْتِ عَلَيَّ حَرَامٌ، أَوِ الْحَلَالُ أَوِ الْحِلُّ عَلَيَّ حَرَامٌ، فَفِي الْتِحَاقِهِ بِالصَّرِيحِ أَوْجُهٌ، أَصَحُّهَا: نَعَمْ لِحُصُولِ التَّفَاهُمِ، وَغَلَبَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَبِهَذَا قَطَعَ الْبَغَوِيُّ، وَعَلَيْهِ تَنْطَبِقُ فَتَاوَى الْقَفَّالِ، وَالْقَاضِي حُسَيْنٍ وَالْمُتَأَخِّرِينَ. وَالثَّانِي: لَا، وَرَجَّحَهُ الْمُتَوَلِّي. وَالثَّالِثُ، حَكَاهُ الْإِمَامُ عَنِ الْقَفَّالِ: أَنَّهُ إِنْ نَوَى شَيْئًا آخَرَ مِنْ طَعَامٍ أَوْ غَيْرِهِ، فَلَا طَلَاقَ. وَإِذَا ادَّعَاهُ، صُدِّقَ، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا، فَإِنْ كَانَ فَقِيهًا يَعْلَمُ أَنَّ الْكِنَايَةَ لَا تَعْمَلُ إِلَّا بِالنِّيَّةِ، لَمْ يَقَعْ، وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا سَأَلْنَاهُ عَمَّا يَفْهَمُ إِذَا سَمِعَهُ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ قَالَ: يَسْبِقُ إِلَى فَهْمِي مِنْهُ الطَّلَاقُ، حُمِلَ عَلَى مَا يَفْهَمُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute