يُسَلِّمَهُ لِلْبَيْعِ، وَبَيْنَ أَنْ يُبْقِيَهُ لِنَفْسِهِ وَيَفْدِيَهَا، وَيَكُونُ الْمَالُ الَّذِي بَذَلَهُ فِدَاءٌ كَالثَّمَنِ الَّذِي يَشْتَرِيهِ بِهِ أَجْنَبِيٌّ؛ وَإِذَا سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ؛ فَإِنْ كَانَ الْأَرْشُ يَسْتَغْرِقُ قِيمَتَهُ، بِيعَ كُلُّهُ؛ وَإِلَّا فَقَدْرَ الْحَاجَةِ إِلَّا أَنْ يَأْذَنَ سَيِّدُهُ فِي بَيْعِ الْجَمِيعِ؛ فَيُؤَدِّي الْأَرْشَ وَيَكُونُ الْبَاقِي لَهُ.
وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْتَرِي بَعْضُهُ، وَإِنْ أَرَادَ سَيِّدُهُ فَدَاءَهُ، فَبِكَمْ يَفْدِيهِ؟ قَوْلَانِ؛ أَظْهَرُهُمَا بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ وَهُوَ الْجَدِيدُ: بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنْ قِيمَتِهِ وَأَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَالْقَدِيمُ: بِالْأَرْشِ بَالِغًا مَا بَلَغَ؛ فَعَلَى الْجَدِيدِ قَالَ الْبَغَوِيُّ: النَّصُّ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ.
وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْجِنَايَةِ؛ وَقَالَ الْقَفَّالُ: يَنْبَغِي أَنْ تُعْتَبَرَ قِيمَتُهُ يَوْمَ الْفِدَاءِ، لِأَنَّ مَا نَقَصَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يُؤَاخَذُ السَّيِّدُ بِهِ. وَحُمِلَ النَّصُّ عَلَى مَا إِذَا سَبَقَ مِنَ السَّيِّدِ مَنْعٌ مِنْ بَيْعِهِ حَالَةَ الْجِنَايَةِ، ثُمَّ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ.
وَلَوْ جَنَى فَفَدَاهُ ثُمَّ جَنَى؛ فَإِمَّا أَنْ يُسَلِّمَهُ لِيُبَاعَ، وَإِمَّا أَنْ يَفْدِيَهُ ثَانِيًا، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ الْفِدَاءِ، فَإِنْ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ، بِيعَ وَوُزِّعَ الثَّمَنُ عَلَى أَرْشِ الْجِنَايَتَيْنِ، وَإِنِ اخْتَارَ الْفِدَاءَ، فَدَاهُ عَلَى الْجَدِيدِ: بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْقِيمَةِ وَالْأَرْشَيْنِ، وَعَلَى الْقَدِيمِ: بِالْأَرْشَيْنِ، وَكَذَا الْحُكْمُ لَوْ كَانَ سَلَّمَهُ لِلْبَيْعِ؛ فَجَنَى ثَانِيًا قَبْلَ الْبَيْعِ.
وَلَوْ قَتَلَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ الْجَانِي أَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ بَاعَهُ، وَقُلْنَا بِنُفُوذِهِمَا، أَوِ اسْتَوْلَدَ الْجَانِيَةَ؛ لَزِمَهُ الْفِدَاءُ، وَفِي قَدْرِهِ طَرِيقَانِ: أَحَدُهُمَا: طَرْدُ الْقَوْلَيْنِ، وَأَصَحُّهُمَا: الْقَطْعُ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ لِتَعَذُّرِ الْبَيْعِ وَبُطْلَانِ تَوَقُّعِ زِيَادَةِ رَاغِبٍ.
وَلَوْ مَاتَ الْجَانِي أَوْ هَرَبَ قَبْلَ أَنْ يُطَالِبَ السَّيِّدَ بِتَسْلِيمِهِ؛ فَلَا شَيْءَ عَلَى السَّيِّدِ، وَكَذَا لَوْ طُولِبَ وَلَمْ يَمْنَعْهُ فَلَوْ مَنَعَهُ، صَارَ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ.
قَالَ الْبَغَوِيُّ: وَلَوْ قَتَلَ الْجَانِي؛ فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ، وَعَلَيْهِ الْفِدَاءُ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وَيَجُوزَ أَنْ يُنْظَرَ فِي وُجُوبِ الْفِدَاءِ عَلَيْهِ إِلَى أَنَّ مُوجِبَ الْعَمْدِ الْقِصَاصُ، أَوْ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ؛ فَإِنْ كَانَ الْقَتْلُ مُوجِبًا لِلْمَالِ؛ تَعَلَّقَ حَقُّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ؛ وَإِذَا أُخِذَتْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute