قُلْتُ: الْأَصَحُّ هُنَا إِلْحَاقُهُ بِالسِّمَنِ لَا بِتَذَكُّرِ الصَّنْعَةِ؛ لِأَنَّ هَذِهِ صَنْعَةٌ أُخْرَى وَهُوَ مُتَبَرِّعٌ بِعِلْمِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَحَيْثُ قُلْنَا بِالِانْجِبَارِ، فَلَوْ لَمْ يَبْلُغْ بِالْعَائِدِ الْقِيمَةَ الْأُولَى ضَمِنَ مَا بَقِيَ مِنَ النَّقْصِ وَانْجَبَرَ الْبَاقِي. أَمَّا إِذَا كَانَ الْكَمَالُ بِوَجْهٍ آخَرَ بِأَنْ نَسِيَ صَنْعَةً وَتَعَلَّمَ أُخْرَى، أَوْ أَبْطَلَ صَنْعَةَ الْحُلِيِّ وَأَحْدَثَ أُخْرَى، فَلَا انْجِبَارَ بِحَالٍ. وَعَلَى هَذَا لَوْ تَكَرَّرَ النَّقْصُ وَكَانَ النَّاقِصُ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مُغَايِرًا لِلنَّاقِصِ فِي الْمَرَّةِ الْأُخْرَى ضَمِنَ الْجَمِيعَ. حَتَّى لَوْ غَصَبَ جَارِيَةً قِيمَتُهَا مِائَةٌ، فَسَمِنَتْ وَبَلَغَتْ أَلْفًا، وَتَعَلَّمَتْ صَنْعَةً وَبَلَغَتْ أَلْفَيْنِ، ثُمَّ هَزَلَتْ وَنَسِيَتِ الصَّنْعَةَ وَعَادَتْ قِيمَتُهَا مِائَةً، يَرُدُّهَا وَيَغْرَمُ أَلْفًا وَتِسْعَمِائَةٍ، وَكَذَا لَوْ عَلَّمَهُ الْغَاصِبُ سُورَةً مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ حِرْفَةً فَنَسِيَهَا، ثُمَّ عَلَّمَهُ أُخْرَى فَنَسِيَهَا أَيْضًا ضَمِنَهَا. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُغَايِرًا، بِأَنْ عَلَّمَهُ سُورَةً وَاحِدَةً، أَوْ حِرْفَةً مِرَارًا، وَيَنْسَى فِي كُلِّ مَرَّةٍ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَحْصُلُ الِانْجِبَارُ بِالْعَادَةِ ضَمِنَ نُقْصَانَ جَمِيعِ الْمَرَّاتِ، وَإِلَّا ضَمِنَ أَكْثَرَ الْمَرَّاتِ نَقْصًا.
فَرْعٌ
لَوْ زَادَتْ فِيهِ الْجَارِيَةُ بِتَعَلُّمِ الْغِنَاءِ، ثُمَّ نَسِيَتْهُ، نَقَلَ الرُّويَانِيُّ عَنِ النَّقْصَ: أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ النَّقْصَ، لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْمُبَاحَ. وَعَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يَضْمَنُهُ. وَلِهَذَا لَوْ قَتَلَ عَبْدًا مُغَنِّيًا، يَغْرَمُ تَمَامَ قِيمَتِهِ. قَالَ: وَهُوَ الِاخْتِيَارُ.
قُلْتُ: الْأَصَحُّ الْمُخْتَارُ: هُوَ النَّصُّ. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي فَصْلِ كَسْرِ الْمَلَاهِي: أَنَّهُ لَا ضَمَانَ فِي صَنْعَتِهَا، لِأَنَّهَا مُحَرَّمَةٌ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ. وَقَدْ نَصَّ الْقَاضِي حُسَيْنٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute