الضَّرْبُ الثَّانِي: الْحَاصِلُ مَعَ النَّضُوضِ، فَيُنْظَرُ، إِنْ صَارَ نَاضًّا مِنْ غَيْرِ جِنْسِ رَأْسِ الْمَالِ فَهُوَ كَمَا لَوْ أَبْدَلَ عَرْضًا بِعَرْضٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ بِهِ التَّقْوِيمُ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَقِيلَ: هُوَ عَلَى الْخِلَافِ الَّذِي نَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِيمَا إِذَا نَضَّ مِنَ الْجِنْسِ.
أَمَّا إِذَا صَارَ نَاضًّا مِنْ جِنْسِهِ، فَتَارَةً يَكُونُ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ وَتَارَةً بَعْدَهُ، وَعَلَى التَّقْدِيرِ الْأَوَّلِ، قَدْ يُمْسِكُ النَّاضَّ إِلَى أَنْ يَتِمَّ الْحَوْلُ، وَقَدْ يَشْتَرِي بِهِ سِلْعَةً.
الْحَالُ الْأَوَّلُ: أَنْ يُمْسِكَ النَّاضَّ إِلَى تَمَامِ الْحَوْلِ، فَإِنِ اشْتَرَى عَرْضًا بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، فَبَاعَهُ فِي أَثْنَاءِ الْحَوْلِ بِثَلَاثِمِائَةٍ، وَتَمَّ الْحَوْلُ وَهِيَ فِي يَدِهِ - فَفِيهِ طَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ عَلَى قَوْلَيْنِ أَظْهَرُهُمَا: يُزَكِّي الْأَصْلَ بِحَوْلِهِ، وَيُفْرِدُ الرِّبْحَ بِحَوْلٍ، وَالثَّانِي: يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: الْقَطْعُ بِإِفْرَادِ الرِّبْحِ. وَإِذَا أَفْرَدْنَاهُ فَفِي ابْتِدَاءِ حَوْلِهِ وَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: مِنْ حِينِ النَّضُوضِ، وَالثَّانِي: مِنْ حِينِ الظُّهُورِ.
الْحَالُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا عَرْضًا قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، فَطَرِيقَانِ. أَصَحُّهُمَا أَنَّهُ كَمَا لَوْ أَمْسَكَ النَّاضَّ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِأَنَّهُ يُزَكِّي الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: إِذَا نَضَّ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلِ، فَإِنْ ظَهَرَتِ الزِّيَادَةُ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلِ، زَكَّى الْجَمِيعَ بِحَوْلِ الْأَصْلِ بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ ظَهَرَتْ بَعْدَ تَمَامِهِ، فَوَجْهَانِ. أَحَدُهُمَا: هَكَذَا، وَأَصَحُّهُمَا: يَسْتَأْنِفُ لِلرِّبْحِ حَوْلًا. وَجَمِيعُ مَا ذَكَرْنَاهُ فِيمَا إِذَا اشْتَرَى الْعَرْضَ بِنِصَابٍ مِنَ النَّقْدِ أَوْ بِعَرْضِ قِيمَةِ نِصَابٍ. فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى بِمِائَةِ دِرْهَمٍ مَثَلًا، وَبَاعَهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ بِمِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَبَقِيَتْ عِنْدَهُ إِلَى تَمَامِ الْحَوْلِ مِنْ حِينِ الشِّرَاءِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَصَحِّ: إِنَّ النِّصَابَ لَا يُشْتَرَطُ إِلَّا فِي الْحَوْلِ، بُنِيَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَنَّ الرِّبْحَ مِنَ النَّاضِّ هَلْ يُضَمُّ إِلَى الْأَصْلِ فِي الْحَوْلِ؟ إِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَعَلَيْهِ زَكَاةُ الْمِائَتَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: لَا، لَمْ يُزَكِّ مِائَةَ الرِّبْحِ إِلَّا بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ أُخْرَى، وَإِنْ قُلْنَا: النِّصَابُ يُشْتَرَطُ فِي جَمِيعِ الْحَوَلِ أَوْ فِي طَرَفَيْهِ، فَابْتِدَاءُ الْحَوَلِ مِنْ حِينِ بَاعَ وَنَضَّ، فَإِذَا تَمَّ زَكَّى الْمِائَتَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute