قَوْلُ الرَّسُولِ بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ تَصْدِيقُ الْوَكِيلِ عَلَى الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ يَدَّعِي الرَّدَّ عَلَى مَنْ لَمْ يَأْتَمِنْهُ. وَقِيلَ: يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّهُ مُعْتَرِفٌ بِالرِّسَالَةِ، وَيَدُ رَسُولِهِ يَدُهُ، فَكَأَنَّهُ ادَّعَى الرَّدَّ عَلَيْهِ.
الْمَوْضِعُ الثَّالِثُ: فِي الْقَبْضِ، فَإِذَا وَكَّلَهُ بِقَبْضِ دَيْنٍ، فَقَالَ: قَبَضْتُهُ، وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ، نُظِرَ، إِنْ قَالَ: قَبَضْتُهُ وَهُوَ بَاقٍ فِي يَدِي، فَخُذْهُ، لَزِمَهُ أَخْذُهُ، وَلَا مَعْنَى لِهَذَا الِاخْتِلَافِ. وَإِنْ قَالَ: قَبَضْتُهُ وَتَلِفَ فِي يَدِي، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَعَ يَمِينِهِ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ بِقَبْضِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَقِّهِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ. وَقِيلَ بِطَرْدِ الْخِلَافِ فِي اخْتِلَافِهِمَا فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ، إِذَا حَلَفَ الْمُوَكِّلُ، أَخَذَ حَقَّهُ مِمَّنْ كَانَ عَلَيْهِ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّهُ مَظْلُومٌ. وَلَوْ وَكَّلَهُ فِي الْبَيْعِ وَقَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا، وَجَوَّزْنَا لَهُ قَبْضَ الثَّمَنِ، فَاتَّفَقَا عَلَى الْبَيْعِ، وَاخْتَلَفَا فِي قَبْضِ الثَّمَنِ، فَقَالَ الْوَكِيلُ: قَبَضْتُهُ وَتَلِفَ فِي يَدِي، أَوْ دَفَعْتُهُ إِلَيْكَ وَأَنْكَرَ الْمُوَكِّلُ، فَفِي الْمُصَدِّقِ مِنْهُمَا طَرِيقَانِ:
أَحَدُهُمَا: عَلَى الْخِلَافِ السَّابِقِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ. وَأَصَحُّهُمَا: أَنَّهُمَا إِنِ اخْتَلَفَا قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ تَسْلِيمِهِ، فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: قَوْلُ الْمُوَكِّلِ. وَأَصَحُّهُمَا: قَوْلُ الْوَكِيلِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْحَدَّادِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يَدَّعِي تَقْصِيرَهُ وَخِيَانَتَهُ بِالتَّسْلِيمِ بِلَا قَبْضٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ فِيمَا إِذَا أَذِنَ فِي الْبَيْعِ مُطْلَقًا. فَإِذَا أَذِنَ فِي التَّسْلِيمِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ، أَوْ فِي الْبَيْعِ بِمُؤَجَّلٍ وَفِي الْقَبْضِ بَعْدَ الْأَجَلِ، لَمْ يَكُنْ خَائِنًا بِالتَّسْلِيمِ بِلَا قَبْضٍ، كَالِاخْتِلَافِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ، فَإِذَا صَدَّقْنَا الْوَكِيلَ فَحَلَفَ، فَفِي بَرَاءَةِ الْمُشْتَرِي وَجْهَانِ.
أَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْإِمَامِ: يَبْرَأُ. وَأَصَحُّهُمَا عِنْدَ الْبَغَوِيِّ: لَا. فَعَلَى الْأَوَّلِ، إِذَا حَلَفَ وَبَرِئَ الْمُشْتَرِي، ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِالْمَبِيعِ عَيْبًا، فَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْمُوَكِّلِ وَغَرَّمَهُ الثَّمَنَ، لَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى الْوَكِيلِ، لِاعْتِرَافِهِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا. وَإِنْ رَدَّهُ عَلَى الْوَكِيلِ وَغَرَّمَهُ، لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُوَكِّلِ، وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ بِيَمِينِهِ أَنَّهُ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute