عَيْنَهَا، فَدَخَلَ دَارَهَا وَفِيهَا نِسْوَةٌ سِوَاهَا، فَقَالَ لِابْنِهَا الصَّغِيرِ: أَيَّتُهُنَّ أُمُّكَ، أَوْ لِجَارِيَتِهَا أَيَّتُهُنَّ سَيِّدَتُكِ، فَأَشَارَا إِلَى امْرَأَةٍ، فَسَمِعَ إِقْرَارَهَا، جَازَ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ أَنَّ فُلَانَةَ بِنْتَ فُلَانٍ أَقَرَّتْ بِكَذَا، حَكَاهُ ابْنُ كَجٍّ عَنْهُ، وَلَمْ يُجْعَلْ قَوْلُ شَاهِدَيْنِ عَلَى قَوْلِ الْإِصْطَخْرِيِّ كَإِخْبَارِ الصَّغِيرِ وَالْجَارِيَةِ، وَادَّعَى أَنَّ ذَلِكَ أَشَدُّ وَقْعًا فِي الْقَلْبِ وَأَثْبَتُ.
وَلَكَ أَنْ تَقُولَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَوَقَّفَ جَوَازُ التَّحَمُّلِ عَلَى كَشْفِ الْوَجْهِ لَا عَلَى الْمُعَرِّفِ؛ لِأَنَّ مَنْ أَقَرَّتْ تَحْتَ نِقَابٍ، وَرُفِعَتْ إِلَى الْقَاضِي وَالْمُتَحَمِّلُ مُلَازِمُهَا أَمْكَنَ الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِهَا، وَقَدْ يَحْضُرُ قَوْمٌ يُكْتَفَى بِإِخْبَارِهِمْ فِي التَّسَامُعِ قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الْمَرْأَةُ إِذَا لَمْ يُشْتَرَطْ فِي التَّسَامُعِ طُولُ الْمُدَّةِ كَمَا سَيَأْتِي - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فَيُخْبِرُونَ عَنِ اسْمِهَا وَنَسَبِهَا، فَيَتَمَكَّنُ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى اسْمِهَا وَنَسَبِهَا، بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ: لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ تَحَمَّلَا الشَّهَادَةَ عَلَى امْرَأَةٍ لَا يَعْرِفَانِهَا أَنَّ امْرَأَةً حَضَرَتْ يَوْمَ كَذَا مَجْلِسَ كَذَا، فَأَقَرَّتْ لِفُلَانٍ بِكَذَا، وَشَهِدَ عَدْلَانِ أَنَّ الْمَرْأَةَ الْحَاضِرَةَ، يَوْمَئِذٍ فِي ذَلِكَ الْمَكَانِ هِيَ هَذِهِ، ثَبَتَ الْحَقُّ بِالتَّبْيِينِ، كَمَا لَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ فُلَانَ ابْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ أَقَرَّ بِكَذَا وَقَامَتْ أُخْرَى عَلَى (أَنَّ) الْحَاضِرَ هُوَ فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ، ثَبَتَ الْحَقُّ.
وَإِذَا اشْتَمَلَ التَّحَمُّلُ عَلَى هَذِهِ الْفَوَائِدِ، وَجَبَ أَنْ يُجَوَّزَ مُطْلَقًا، ثُمَّ إِنْ لَمْ يَحْصُلْ مَا يُفِيدُ جَوَازَ التَّحَمُّلِ عَلَى الْعَيْنِ، أَوْ عَلَى الِاسْمِ وَالنَّسَبِ، أَوْ لَمْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ مَا يَتِمُّ بِهِ الْإِثْبَاتُ، فَذَاكَ لِشَيْءٍ آخَرَ. وَيَجُوزُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا، لِتَحَمُّلِ الشَّهَادَةِ وَسَمَاعِ كَلَامِهَا، وَهَذَا عِنْدَ الْأَمْنِ مِنَ الْفِتْنَةِ، فَإِنْ خَافَ فِتْنَةً، فَقَدْ سَبَقَ أَنَّهُ يَحْرُمُ النَّظَرُ إِلَى وَجْهِهَا بِلَا خِلَافٍ فَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ: لَا يَنْظُرُ الْخَائِفُ لِلتَّحَمُّلِ؛ لِأَنَّ فِي غَيْرِهِ غِنْيَةً، فَإِنْ تَعَيَّنَ عَلَيْهِ، نَظَرَ وَاحْتَرَزَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute