فَرْعٌ
إِذَا قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِ رَجُلٍ أَوِ امْرَأَةٍ بِحَقٍّ، وَأَرَادَ الْمُدَّعِي أَنْ يُسَجِّلَ لَهُ الْقَاضِي، فَالتَّسْجِيلُ عَلَى الْعَيْنِ مُمْتَنِعٌ، لَكِنْ يَجُوزُ أَنْ يُسَجِّلَ بِالْحِلْيَةِ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى التَّسْجِيلِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يَثْبُتَا، وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي، وَلَا إِقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، فَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى نَسَبِهِ عَلَى وَجْهِ الْحِسْبَةِ بُنِيَ عَلَى أَنَّ شَهَادَةَ الْحِسْبَةِ هَلْ تُقْبَلُ فِي النَّسَبِ، إِنْ قَبِلْنَاهَا - وَهُوَ الصَّحِيحُ - أَثْبَتَ الْقَاضِي النَّسَبَ، وَسَجَّلَ، وَإِنْ لَمْ نَقْبَلْهَا وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي حُسَيْنٍ، فَقَالَ: الطَّرِيقُ هُنَا أَنْ يَنْصُبَ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى فُلَانِ ابْنِ فُلَانٍ دَيْنًا، أَوْ عَلَى فَاطِمَةَ بِنْتِ زَيْدٍ، أَوْ يَدَّعِي عَلَى زَيْدٍ، وَيَقُولُ: هَذِهِ بِنْتُهُ، وَتَرَكْتُهُ عِنْدَهَا، وَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ النَّسَبَ، فَيُقِيمُ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ.
قَالَ: وَتَجُوزُ هَذِهِ الْحِيلَةُ لِلْحَاجَةِ، وَاعْتَرَضَ الْإِمَامُ بِأَنَّ الدَّعْوَى الْبَاطِلَةَ كَالْعَدَمِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ بِنَاءُ الشَّهَادَةِ عَلَيْهَا، وَكَيْفَ يَأْمُرُ الْقَاضِي بِهَا. لَكِنَّ الْوَجْهَ أَنْ يُقَالَ: وُكَلَاءُ الْمَجْلِسِ يَتَفَطَّنُونَ لِمِثْلِ ذَلِكَ، فَإِذَا نَصَبُوا مُدَّعِيًا لَمْ يَفْحَصِ الْقَاضِي، وَلَمْ يُضَيِّقْ، بَلْ يَسْمَعُ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةَ لِلْحَاجَةِ.
وَلَوْ أَمَرَ الْمُدَّعِي الَّذِي ثَبَتَ لَهُ الْحَقُّ بِالْبَيِّنَةِ أَنْ يَنْقُلَ الدَّعْوَى عَنِ الْعَيْنِ إِلَى الدَّعْوَى عَلَى بِنْتِ زَيْدٍ لِيُنْكِرَ، فَيُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى النَّسَبِ، كَانَ أَقْرَبَ مِنْ نَصْبِ مُدَّعٍ جَدِيدٍ، وَأَمْرِهِ بِدَعْوَى بَاطِلَةٍ.
عَنْ فَتَاوَى الْقَفَّالِ: شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى امْرَأَةٍ بِاسْمِهَا وَنَسَبِهَا، وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لِمَعْرِفَةِ عَيْنِهَا، صَحَّتْ شَهَادَتُهُمْ فَإِنْ سَأَلَهُمُ الْحَاكِمُ هَلْ تَعْرِفُونَ عَيْنَهَا؟ فَلَهُمْ أَنْ يَسْكُتُوا، وَلَهُمْ أَنْ يَقُولُوا: لَا يَلْزَمُنَا الْجَوَابُ عَنْ هَذَا.
الطَّرَفُ الثَّانِي فِيمَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ فِيهِ بِالتَّسَامُعِ وَهُوَ الِاسْتِفَاضَةُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute