فَمِنْهُ النَّسَبُ، فَيَجُوزُ أَنْ يَشْهَدَ بِالتَّسَامُعِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ ابْنُ فُلَانٍ، أَوْ هَذِهِ الْمَرْأَةَ إِذَا عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا بِنْتُ فُلَانٍ، أَوْ أَنَّهُمَا مِنْ قَبِيلَةِ كَذَا، وَيَثْبُتُ النَّسَبُ مِنَ الْأُمِّ بِالتَّسَامُعِ أَيْضًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَقِيلَ قَطْعًا كَالْأَبِ، وَوَجْهُ الْمَنْعِ إِمْكَانُ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ.
ثُمَّ ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - فِي صِفَةِ التَّسَامُعِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُسْمِعَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ بِنَسَبِهِ، فَيَنْسُبُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ أَوِ الْقَبِيلَةِ، وَالنَّاسُ يَنْسُبُونَهُ إِلَيْهِ، وَهَلْ يُعْتَبَرُ فِي ذَلِكَ التَّكَرُّرُ، وَامْتِدَادُ مُدَّةِ السَّمَاعِ، قَالَ كَثِيرُونَ: نَعَمْ، وَبِهَذَا أَجَابَ الصَّيْمَرِيُّ، وَقَالَ آخَرُونَ: لَا بَلْ لَوْ سَمِعَ انْتِسَابَ الشَّخْصِ، وَحَضَرَ جَمَاعَةٌ لَا يُرْتَابُ فِي صِدْقِهِمْ، فَأَخْبَرُوهُ بِنَسَبِهِ دُفْعَةً وَاحِدَةً، جَازَ لَهُ الشَّهَادَةُ. وَرَأَى ابْنُ كَجٍّ الْقَطْعَ بِهَذَا، وَبِهِ أَجَابَ الْبَغَوِيُّ فِي انْتِسَابِهِ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ قُلْنَا بِالْأَوَّلِ، فَلَيْسَتِ الْمُدَّةُ مُقَدَّرَةً بِسُنَّةٍ عَلَى الصَّحِيحِ، وَيُعْتَبَرُ مَعَ انْتِسَابِ الشَّخْصِ وَنِسْبَةِ النَّاسِ أَنْ لَا يُعَارِضَهُمَا مَا يُورِثُ تُهْمَةً وَرِيبَةً، فَلَوْ كَانَ الْمَنْسُوبُ إِلَيْهِ حَيًّا وَأَنْكَرَ لَمْ تَجُزِ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ مَجْنُونًا جَازَتْ عَلَى الصَّحِيحِ، كَمَا لَوْ كَانَ مَيِّتًا، وَلَوْ طَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي ذَلِكَ النَّسَبِ هَلْ يَمْنَعُ جَوَازَ الشَّهَادَةِ؟ وَجْهَانِ أَصَحُّهُمَا: نَعَمْ لِاخْتِلَالِ الظَّنِّ.
فَرْعٌ
يَثْبُتُ الْمَوْتُ بِالِاسْتِفَاضَةِ عَلَى الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَطَعَ الْأَكْثَرُونَ، وَقِيلَ: وَجْهَانِ، وَهَلْ يَثْبُتُ بِهَا الْوَلَاءُ وَالْعِتْقُ وَالْوَقْفُ وَالزَّوْجِيَّةُ؟ وَجْهَانِ، قَالَ الْإِصْطَخْرِيُّ، وَابْنُ الْقَاصِّ، وَأَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَالطَّبَرِيُّ: نَعَمْ، وَرَجَّحَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ: لَا، وَبِهِ أَفْتَى الْقَفَّالُ، وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ، وَأَبُو الْحَسَنِ الْعَبَّادِيُّ، وَالرُّويَانِيُّ، قَالُوا: وَيُسْتَحَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute