للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْأَصَحُّ عَلَى الْجُمْلَةِ: أَنَّهَا لَيْسَتْ رُجُوعًا مُطْلَقًا، وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي «الْأُمِّ» وَقَطَعَ بِهِ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وَالْبَغَوِيُّ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

النَّوْعُ الثَّانِي: مَا يَعْرِضُ لِلْمُتَعَاقِدَيْنَ، فَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا قَبْلَ الْقَبْضِ، فَنَصَّ: أَنَّهُ يَبْطُلُ بِمَوْتِ الرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ، وَفِيهِمَا طُرُقٌ. أَصَحُّهَا. فِيهِمَا قَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَبْطُلُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ مَصِيرَهُ إِلَى اللُّزُومِ، فَلَا يَبْطُلُ بِمَوْتِهِمَا كَالْبَيْعِ. وَالثَّانِي: يَبْطُلُ؛ لِأَنَّهُ جَائِزٌ، فَبَطَلَ كَالْوِكَالَةِ. وَالطَّرِيقُ الثَّانِي: تَقْرِيرُ النَّصَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَرْهُونَ بَعْدَ مَوْتِ الرَّاهِنِ، مِلْكٌ لِوَارِثِهِ. وَفِي إِبْقَاءِ الرَّهْنِ ضَرَرٌ عَلَيْهِمْ، وَفِي مَوْتِ الْمُرْتَهِنِ يَبْقَى الدَّيْنُ وَالْوَارِثُ مُحْتَاجٌ إِلَى الْوَثِيقَةِ حَاجَةَ مَيِّتِهِ. وَالثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِعَدَمِ الْبُطْلَانِ فِيهِمَا. فَإِذَا قُلْنَا بِالْقَوْلَيْنِ، فَقِيلَ: هُمَا مُخْتَصَّانِ بِرَهْنِ التَّبَرُّعِ. فَأَمَّا الْمَشْرُوطُ فِي بَيْعٍ، فَلَا يَبْطُلُ قَطْعًا لِتَأَكُّدِهِ. وَالْمَذْهَبُ: طَرْدُهُمَا فِي النَّوْعَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ.

فَإِذَا أَبْقَيْنَا الرَّهْنَ، قَامَ وَارِثُ الرَّاهِنِ مَقَامَهُ فِي الْإِقْبَاضِ، وَوَارِثُ الْمُرْتَهِنِ فِي الْقَبْضِ، وَسَوَاءٌ أَبْطَلْنَاهُ أَمْ لَا، وَلَمْ يَتَحَقَّقِ الْوَفَاءُ بِالرَّهْنِ الْمَشْرُوطِ، ثَبَتَ الْخِيَارُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ. وَلَوْ جُنَّ أَحَدُهُمَا، أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْقَبْضِ، فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَبْطُلُ بِالْمَوْتِ، فَهُنَا أَوْلَى، وَإِلَّا، فَوَجْهَانِ. فَإِنْ لَمْ نُبْطِلْهُ، فَجُنَّ الْمُرْتَهِنُ، قَبَضَ مَنْ يَنْظُرُ فِي مَالِهِ. فَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ الرَّاهِنُ وَكَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، فَعَلَ مَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ مِنَ الْفَسْخِ وَالْإِجَازَةِ. وَإِنْ جُنَّ الرَّاهِنُ، فَإِنْ كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ، وَخَافَ النَّاظِرُ فَسْخَ الْمُرْتَهِنِ إِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ، وَالْحَظُّ فِي الْإِمْضَاءِ، سَلَّمَهُ. وَإِنْ لَمْ يَخَفْ، أَوْ كَانَ الْحَظُّ فِي الْفَسْخِ، أَوْ كَانَ رَهْنَ تَبَرُّعٍ لَمْ يُسَلِّمْهُ، كَذَا أَطْلَقُوهُ، وَمُرَادُهُمْ: إِذَا لَمْ يَكُنْ ضَرُورَةً وَلَا غِبْطَةً؛ لِأَنَّهُمَا تُجَوِّزَانِ رَهْنَ مَالِ الْمَجْنُونِ ابْتِدَاءً، فَالِاسْتِدَامَةُ أَوْلَى. وَلَوْ طَرَأَ عَلَى أَحَدِهِمَا حَجْرُ سَفَهٍ، أَوْ فَلَسٍ لَمْ يَبْطُلْ عَلَى الْمَذْهَبِ.

النَّوْعُ الثَّالِثُ: مَا يَعْرِضُ فِي الْمَرْهُونِ. فَلَوْ رَهَنَ عَصِيرًا وَأَقْبَضَهُ، فَانْقَلَبَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>