للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ خُرُوجًا وَدُخُولًا، وَالْمَرِّيءُ مَجْرَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، وَهُوَ تَحْتَ الْحُلْقُومِ، وَرَاءَهُمَا عِرْقَانِ فِي صَفْحَتَيِ الْعُنُقِ يُحِيطَانِ بِالْحُلْقُومِ، وَقِيلَ: بِالْمَرِّيءِ، وَيُقَالُ لَهُمَا: الْوَدَجَانِ، وَيُقَالُ لِلْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ مَعَهُمَا: الْأَوْدَاجُ. وَلَا بُدَّ مِنْ قَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، عَلَى الصَّحِيحِ الْمَنْصُوصِ. وَقَالَ الِاصْطَخْرِيُّ: يَكْفِي أَحَدُهُمَا؛ لِأَنَّ الْحَيَاةَ لَا تَبْقَى بَعْدَهُ. قَالَ الْأَصْحَابُ: هَذَا خِلَافُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَخِلَافُ مَقْصُودِ الذَّكَاةِ، وَهُوَ الْإِزْهَاقُ بِمَا يُوحِي وَلَا يُعَذِّبُ. وَيُسْتَحَبُّ مَعَهُمَا قَطْعُ الْوَدَجَيْنِ؛ لِأَنَّهُ أَوْحَى، وَالْغَالِبُ أَنَّهُمَا يَنْقَطِعَانِ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، فَإِنْ تَرَكَهُمَا، جَازَ. وَلَوْ تَرَكَ مِنَ الْحُلْقُومِ أَوِ الْمَرِّيءِ شَيْئًا يَسِيرًا، أَوْ مَاتَ الْحَيَوَانُ، فَهُوَ مَيْتَةٌ. وَكَذَا لَوِ انْتَهَى إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، فَقَطَعَ الْمَتْرُوكَ، فَمَيْتَهٌ. وَفِي «الْحَاوِي» وَجْهٌ: إِنْ بَقِيَ الْيَسِيرُ، فَلَا يَضُرُّ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ فِي «الْحِلْيَةِ» ، وَالصَّحِيحُ: الْأَوَّلُ.

وَلَوْ قَطَعَ مِنَ الْقَفَا حَتَّى وَصَلَ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِّيءَ، عَصَى، لِزِيَادَةِ الْإِيلَامِ. ثُمَّ يَنْظُرُ، إِنْ وَصَلَ إِلَى الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ وَقَدِ انْتَهَى إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ، لَمْ يَحِلَّ بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِنْ وَصَلَهُمَا وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، فَقَطَعَهُمَا، حَلَّ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَهُ ثُمَّ ذَكَّاهُ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَوْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِ الْمَرِّيءِ، وَلَكِنْ لَمَّا قَطَعَهُ مَعَ بَعْضِ الْحُلْقُومِ انْتَهَى إِلَى حَرَكَةِ الْمَذْبُوحِ لِمَا نَالَهُ بِسَبَبِ قَطْعِ الْقَفَا، فَهُوَ حَلَالٌ؛ لِأَنَّ أَقْصَى مَا وَقَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ عِنْدَ ابْتِدَاءِ قَطْعِ الْمَذْبَحِ. وَالْقَطْعُ مِنْ صَفْحَةِ الْعُنُقِ، كَالْقَطْعِ مِنَ الْقَفَا. وَلَوْ أَدْخَلَ السِّكِّينَ فِي أُذُنِ الثَّعْلَبِ لِيَقْطَعَ الْمَرِّيءَ وَالْحُلْقُومَ مِنْ دَاخِلِ الْجِلْدِ، فَفِيهِ هَذَا التَّفْصِيلُ. وَلَوْ أَمَرَّ السِّكِّينَ مُلْصَقًا بِاللَّحْيَيْنِ فَوْقَ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، وَأَبَانَ الرَّأْسَ، فَلَيْسَ هُوَ بِذَبْحٍ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْطَعِ الْحُلْقُومَ وَالْمَرِّيءَ. وَأَمَّا كَوْنُ التَّذْفِيفِ حَاصِلًا بِقَطْعِ الْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ، فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: لَوْ أَخَذَ الذَّابِحُ فِي قَطْعِ الْحُلْقُومِ

[وَالْمَرِّيءِ] ، وَأَخَذَ آخَرُ فِي نَزْعِ حَشْوَتِهِ، أَوْ نَخَسَ خَاصِرَتَهُ، لَمْ يَحِلَّ؛ لِأَنَّ التَّذْفِيفَ لَمْ يَتَمَخَّضْ بِالْحُلْقُومِ وَالْمَرِّيءِ. وَسَوَاءً كَانَ مَا يَجْرِي بِهِ قَطْعُ الْحُلْقُومِ مِمَّا يُذَفِّفُ لَوِ انْفَرَدَ، أَوْ كَانَ يُعِينُ عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>