الِاسْتِرْسَالِ، وَلَا يُؤَثِّرُ الْإِغْرَاءُ، حَلَّ هُنَا. وَلَا يُؤَثِّرُ إِغْرَاءُ الْمَجُوسِيِّ. وَإِنْ قَطَعْنَاهُ، وَأَحَلْنَا عَلَى الْإِغْرَاءِ، لَمْ يَحِلَّ هُنَا، كَذَا ذَكَرَ الْجُمْهُورُ هَذَا الْبِنَاءَ. وَقَطَعَ فِي «التَّهْذِيبِ» : بِالتَّحْرِيمِ. وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ؛ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِلْأَوَّلِ أَوْ مُشَارَكَةٌ، وَكِلَاهُمَا يُحَرِّمُهُ.
وَلَوْ أَرْسَلَ مَجُوسِيٌّ كَلْبًا فَأَغْرَاهُ مُسْلِمٌ، فَازْدَادَ عَدْوُهُ، فَوَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى عَكْسِ مَا تَقَدَّمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالتَّحْرِيمِ. وَلَوْ أَرْسَلَ مُسْلِمٌ كَلْبَهُ، فَزَجَرَهُ فُضُولِيٌّ فَانْزَجَرَ، ثُمَّ أَغْرَاهُ فَاسْتَرْسَلَ، فَأَخَذَ صَيْدًا، فَلِمَنْ يَكُونُ الصَّيْدُ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لِلْغَاصِبِ. وَلَوْ زَجَرَهُ فَلَمْ يَنْزَجِرْ، فَأَغْرَاهُ، أَوْ لَمْ يَزْجُرْهُ، بَلْ أَغْرَاهُ وَزَادَ عَدْوُهُ، وَقُلْنَا: الصَّيْدُ لِلْغَاصِبِ، خَرَجَ عَلَى الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْإِغْرَاءَ يَقْطَعُ حُكْمَ الِابْتِدَاءِ، أَمْ لَا؟ إِنْ قُلْنَا: لَا، وَهُوَ الْأَصَحُّ، فَالصَّيْدُ لِصَاحِبِ الْكَلْبِ، وَإِلَّا فَلِلْغَاصِبِ الْفُضُولِيِّ. قَالَ الْإِمَامُ: وَلَا يَمْتَنِعُ تَخْرِيجُ وَجْهٍ بِاشْتِرَاكِهِمَا.
فَرْعٌ
لَوْ أَصَابَ السَّهْمُ الصَّيْدَ بِإِعَانَةِ الرِّيحِ، وَكَانَ يَقْصُرُ عَنْهُ لَوْلَا الرِّيحُ، حَلَّ قَطْعًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْ هُبُوبِهَا، هَكَذَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْحَابُ كُلُّهُمْ، وَأَبْدَى الْإِمَامُ فِيهِ تَرَدُّدًا. وَلَوْ أَصَابَ الْأَرْضَ أَوِ انْصَدَمَ بِحَائِطٍ ثُمَّ ازْدَلَفَ وَأَصَابَ الصَّيْدَ، أَوْ أَصَابَ حَجَرًا فَنَبَا عَنْهُ وَأَصَابَ الصَّيْدَ أَوْ نَفَذَ فِيهِ إِلَى الصَّيْدِ، أَوْ كَانَ الرَّامِي فِي نَزْعِ الْقَوْسِ فَانْقَطَعَ الْوَتَرُ وَصَدَمَ الْفُوقَ فَارْتَمَى السَّهْمُ وَأَصَابَ الصَّيْدَ، حَلَّ عَلَى الْأَصَحِّ.
الْمَرْتَبَةُ الثَّانِيَةُ: قَصْدُ جِنْسِ الْحَيَوَانِ، فَلَوْ أَرْسَلَ سَهْمًا فِي الْهَوَاءِ، أَوْ فَضَاءٍ مِنَ الْأَرْضِ، لِاخْتِبَارِ قُوَّتِهِ، أَوْ رَمَى إِلَى هَدَفٍ، فَاعْتَرَضَ صَيْدًا فَأَصَابَهُ وَقَتَلَهُ، وَكَانَ لَا يَخْطُرُ لَهُ الصَّيْدُ، أَوْ كَانَ يَرَاهُ، وَلَكِنْ رَمَى إِلَى الْهَدَفِ. أَوْ ذِئْبٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute