مِنْهُمَا، فَعَلَى الْأَوَّلِ خَمْسَةٌ وَخَمْسُونَ، وَعَلَى الثَّانِي خَمْسُونَ يُدْفَعُ مِنْهَا خَمْسَةٌ إِلَى الْأَوَّلِ. قَالَ: فَلَوْ قَطَعَ رَجُلٌ يَدَ عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةٌ، ثُمَّ قَطَعَ آخَرُ يَدَهُ الْأُخْرَى، لَزِمَ الْأَوَّلَ نِصْفُ أَرْشِ الْيَدِ وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ خَمْسُونَ، وَلَزِمَ الثَّانِي نِصْفُ أَرْشِ الْيَدِ، وَهُوَ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ، وَنِصْفُ الْقِيمَةِ يَوْمَ جِنَايَتِهِ وَهُوَ أَرْبَعُونَ، فَالْجُمْلَةُ مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ جَمِيعُهَا لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ الَّتِي لَهَا أَرْشٌ مُقَدَّرٌ، يَجُوزُ أَنْ يَزِيدَ وَاجِبُهَا عَلَى قِيمَةِ الْعَبْدِ، كَمَا لَوْ قَطَعَ يَدَيْهِ فَقَتَلَهُ آخَرُ.
هَذَا بَيَانُ الْمُقَدِّمَةِ. وَنَعُودُ إِلَى مَسْأَلَةِ الصَّيْدِ فَنَقُولُ: إِذَا جَرَحَ الثَّانِي جِرَاحَةً غَيْرَ مُذَفَّفَةٍ، وَمَاتَ الصَّيْدُ بِالْجُرْحَيْنِ، نُظِرَ، إِنْ مَاتَ قَبْلَ أَنْ يَتَمَكَّنَ الْأَوَّلُ مِنْ ذَبْحِهِ، لَزِمَ الثَّانِي تَمَامُ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَيْتَةً بِفِعْلِهِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ نَفْسِهِ، وَجَرَحَهَا آخَرُ وَمَاتَتْ، فَإِنْهُ لَا يَجِبُ عَلَى الثَّانِي إِلَّا نِصْفُ الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْجُرْحَيْنِ هُنَاكَ حَرَامٌ، وَالْهَلَاكُ حَصَلَ بِهِمَا، وَهُنَا فِعْلُ الْأَوَّلِ اكْتِسَابٌ وَذَكَاةٌ. ثُمَّ مُقْتَضَى كَلَامِهِمْ أَنْ يُقَالَ: إِذَا كَانَ الصَّيْدُ يُسَاوِي عَشْرَةً غَيْرَ مُزْمِنٍ، وَتِسْعَةً مُزْمِنًا، لَزِمَ الثَّانِي تِسْعَةٌ. وَاسْتَدْرَكَ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» فَقَالَ: فِعْلُ الْأَوَّلِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إِفْسَادًا، فَيُؤَثِّرُ فِي الذَّبْحِ وَحُصُولِ الزَّهُوقِ قَطْعًا، فَيَنْبَغِي أَنْ يُعْتَبَرَ فَيُقَالُ: إِذَا كَانَ غَيْرَ مُزْمِنٍ يُسَاوِي عَشْرَةً، وَمُزْمِنًا تِسْعَةً، وَمَذْبُوحًا ثَمَانِيَةً، لَزِمَهُ ثَمَانِيَةٌ وَنِصْفٌ، فَإِنَّ الدِّرْهَمَ أَثَّرَ فِي فَوَاتِهِ الْفِعْلَانِ، فَيُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا. قَالَ الْإِمَامُ: وَلِلنَّظَرِ فِي هَذَا مَجَالٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: الْمُفْسِدُ يَقْطَعُ أَثَرَ فِعْلَيِ الْأَوَّلِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ. وَالْأَصَحُّ: مَا ذَكَرَهُ صَاحِبُ «التَّقْرِيبِ» . وَإِنْ تَمَكَّنَ مِنْ ذَبْحِهِ فَذَبَحَهُ، لَزِمَ الثَّانِي أَرْشُ جِرَاحَتِهِ إِنْ نَقَصَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَذْبَحْهُ وَتَرَكَهُ حَتَّى مَاتَ، فَوَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا: لَا شَيْءَ عَلَى الثَّانِي سِوَى أَرْشُ النَّقْصِ؛ لِأَنَّ الْأَوَّلَ مُقَصِّرٌ بِتَرْكِ الذَّبْحِ. وَأَصَحُّهُمَا: يَضْمَنُ زِيَادَةً عَلَى الْأَرْشِ، وَلَا يَكُونُ تَرْكُهُ الذَّبْحَ مُسْقِطًا لِلضَّمَانِ، كَمَا لَوْ جَرَحَ رَجُلٌ شَاتَهُ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَعَ التَّمَكُّنِ، لَا يَسْقُطُ الضَّمَانُ. فَعَلَى هَذَا فِيمَا يَضْمَنُ وَجْهَانِ، قَالَ الِاصْطَخْرِيُّ: كَمَالُ قِيمَتِهِ مُزْمِنًا، كَمَا لَوْ ذَفَّفَ، بِخِلَافِ مَا إِذَا جَرَحَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute