الْمَذْهَبِ فِي الْوَقْتِ، وَكَذَا بَعْدَهُ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَتَيْنِ، أَوْ مَنْذُورَتَيْنِ، اسْتَبَاحَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: لَا يَسْتَبِيحُ شَيْئًا. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِفَائِتَةٍ فَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ. أَوْ لِفَائِتَةِ الظُّهْرِ، فَكَانَتِ الْعَصْرَ، لَمْ تَصِحَّ.
قُلْتُ: فَلَوْ ظَنَّ عَلَيْهِ فَائِتَةً، وَلَمْ يَجْزِمْ بِهَا، فَتَيَمَّمَ لَهَا، ثُمَّ ذَكَرَهَا، قَالَ الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَا يَصِحُّ. وَصَحَّحَهُ الشَّاشِيُّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْحَالُ الثَّالِثُ: أَنْ يَنْوِيَ النَّفْلَ، فَلَا يَسْتَبِيحُ بِهِ الْفَرْضَ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَقِيلَ: قَطْعًا. فَإِنْ أَبَحْنَاهُ، فَالنَّفْلُ أَوْلَى، وَإِلَّا اسْتَبَاحَ النَّفْلَ عَلَى الصَّحِيحِ. وَلَوْ نَوَى مَسَّ الْمُصْحَفِ، أَوْ سُجُودَ التِّلَاوَةِ، أَوِ الشُّكْرَ، أَوْ نَوَى الْجُنُبُ الِاعْتِكَافَ، أَوْ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ، فَهُوَ كَنِيَّةِ النَّفْلِ، فَلَا يَسْتَبِيحُ الْفَرْضَ عَلَى الْمَذْهَبِ. وَيَسْتَبِيحُ مَا نَوَى عَلَى الصَّحِيحِ. وَعَلَى الْآخَرِ يَسْتَبِيحُ الْجَمِيعَ. وَلَوْ تَيَمَّمَ لِصَلَاةِ الْجِنَازَةِ، فَهُوَ كَنِيَّةِ النَّفْلِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَلَوْ تَيَمَّمَتْ مُنْقَطِعَةُ الْحَيْضِ لِاسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ، صَحَّ عَلَى الْأَصَحِّ، وَيَكُونُ كَالتَّيَمُّمِ لِلنَّافِلَةِ.
الْحَالُ الرَّابِعُ: أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ فَحَسْبُ، فَلَهُ حُكْمُ التَّيَمُّمِ لِلنَّفْلِ عَلَى الْأَصَحِّ. وَعَلَى الثَّانِي: هُوَ كَمَنْ نَوَى النَّفْلَ وَالْفَرْضَ مَعًا. أَمَّا إِذَا نَوَى فَرْضَ التَّيَمُّمِ، أَوْ إِقَامَةَ التَّيَمُّمِ الْمَفْرُوضِ، فَلَا يَصِحُّ عَلَى الْأَصَحِّ.
قُلْتُ: وَلَوْ نَوَى التَّيَمُّمَ وَحْدَهُ، لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا. ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ. وَلَوْ تَيَمَّمَ بِنِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ، ظَانًّا أَنَّ حَدَثَهُ أَصْغَرُ، فَكَانَ أَكْبَرَ، أَوْ عَكْسَهُ، صَحَّ قَطْعًا، لِأَنَّ مُوجِبَهُمَا وَاحِدٌ. وَلَوْ تَعَمَّدَ ذَلِكَ، لَمْ يَصِحَّ فِي الْأَصَحِّ. ذَكَرُهُ الْمُتَوَلِّي. وَلَوْ أَجْنَبَ فِي سَفَرِهِ وَنَسِيَ، وَكَانَ يَتَيَمَّمُ وَقْتًا، وَيَتَوَضَّأُ وَقْتًا، أَعَادَ صَلَوَاتِ الْوُضُوءِ فَقَطْ، لِمَا ذَكَرْنَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ تَتَأَخَّرَ النِّيَّةُ عَنْ أَوَّلِ فِعْلٍ مَفْرُوضٍ فِي التَّيَمُّمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute