فَرْعٌ:
لَوْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ، نَظَرَ، إِنْ عَيَّنَ كَرَجَبٍ أَوْ شَعْبَانَ، أَوْ قَالَ: أَصُومُ شَهْرًا مِنَ الْآنِ، فَالصَّوْمُ يَقَعُ مُتَتَابِعًا لِتَعَيُّنِ أَيَّامِ الشَّهْرِ. وَلَيْسَ التَّتَابُعُ مُسْتَحَقًّا فِي نَفْسِهِ، حَتَّى لَوْ أَفْطَرَ يَوْمًا، لَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ. وَلَوْ فَاتَهُ الْجَمِيعُ، لَا يَلْزَمُهُ التَّتَابُعُ فِي قَضَائِهِ كَرَمَضَانَ فَلَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ، فَوَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ التَّتَابُعِ مَعَ تَعْيِينِ الشَّهْرِ لَغْوٌ. وَأَصَحُّهُمَا وَبِهِ قَطَعَ الْعِرَاقِيُّونَ: يَجِبُ، حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ يَوْمًا، لَزِمَهُ الِاسْتِئْنَافُ. وَإِذَا فَاتَ، قَضَاهُ مُتَتَابِعًا. وَإِنْ أَطْلَقَ وَقَالَ: أَصُومُ شَهْرًا، فَلَهُ التَّفْرِيقُ وَالتَّتَابُعُ. فَإِنْ فَرَّقَ، صَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا. وَإِنْ تَابَعَ وَابْتَدَأَ بَعْدَ مُضِيِّ بَعْضِ الشَّهْرِ الْهِلَالِيِّ، فَكَذَلِكَ، وَإِنِ ابْتَدَأَ فِي أَوَّلِ الشَّهْرِ وَخَرَجَ نَاقِصًا، كَفَاهُ.
إِذَا نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ، فَلَهُ حَالَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُعَيِّنَ سَنَةً مُتَوَالِيَةً، كَقَوْلِهِ: أَصُومُ سَنَةَ كَذَا، أَوْ أَصُومُ سَنَةً مِنْ أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا، أَوْ مِنَ الْغَدِ فَصِيَامُهَا يَقَعُ مُتَتَابِعًا بِحَقِّ الْوَقْتِ، وَيَصُومُ رَمَضَانَ عَنْ فَرْضِهِ، وَيُفْطِرُ الْعِيدَيْنِ، وَكَذَا أَيَّامُ التَّشْرِيقِ، بِنَاءً عَلَى الْمَذْهَبِ: أَنَّهُ يَحْرُمْ صَوْمُهَا، وَلَا يَجِبُ قَضَاؤُهَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي النَّذْرِ. وَإِذَا أَفْطَرَتْ بِحَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ، فَفِي وُجُوبِ الْقَضَاءِ قَوْلَانِ، وَيُقَالُ: وَجْهَانِ. أَظْهَرُهُمَا: لَا يَجِبُ كَالْعِيدِ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ، وَصَحَّحَهُ أَبُو عَلِيٍّ الطَّبَرِيُّ، وَابْنُ الْقَطَّانِ، والرُّويَانِيُّ. وَلَوْ أَفْطَرَ بِالْمَرَضِ، فَفِيهِ هَذَا الْخِلَافُ. وَرَجَّحَ ابْنُ كَجٍّ وُجُوبَ الْقَضَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ أَنْ تَنْذُرَ صَوْمَ أَيَّامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute