إِبَاحَةٌ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيهَا، قَالَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ. وَأَصَحُّهُمَا: لَهُ حُكْمُ الْمَقْبُوضِ بِعَقْدٍ فَاسِدٍ، فَيُطَالِبُ كُلُّ وَاحِدٍ صَاحِبَهُ بِمَا دَفَعَهُ إِنْ كَانَ بَاقِيًا، أَوْ بِضَمَانِهِ إِنْ تَلِفَ. فَلَوْ كَانَ الثَّمَنُ الَّذِي قَبَضَهُ الْبَائِعُ مِثْلَ الْقِيمَةِ، قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ: هَذَا مُسْتَحِقٌّ ظَفَرَ بِمِثْلِ حَقِّهِ، وَالْمَالِكُ رَاضٍ، فَلَهُ تَمَلُّكُهُ لَا مَحَالَةَ. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ: لَا مُطَالَبَةَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَتَبْرَأُ ذِمَّتُهُمَا بِالتَّرَاضِي، وَهَذَا يُشْكِلُ بِسَائِرِ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ، فَإِنَّهُ لَا بَرَاءَةَ وَإِنْ وُجِدَ التَّرَاضِي. وَقَالَ مَالِكٌ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ بَيْعًا، وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ.
قُلْتُ: هَذَا الَّذِي اسْتَحْسَنَهُ ابْنُ الصَّبَّاغِ، هُوَ الرَّاجِحُ دَلِيلًا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِحَّ فِي الشَّرْعِ اشْتِرَاطُ لَفْظٍ، فَوَجَبَ الرُّجُوعُ إِلَى الْعُرْفِ كَغَيْرِهِ مِنَ الْأَلْفَاظِ. وَمِمَّنِ اخْتَارَهُ: الْمُتَوَلِّي وَالْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُمَا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ:
لَوْ قَالَ: بِعْنِي، فَقَالَ: بِعْتُكَ. إِنْ قَالَ بَعْدَهُ: اشْتَرَيْتُ، أَوْ قَبِلْتُ، انْعَقَدَ قَطْعًا، وَإِلَّا، انْعَقَدَ عَلَى الْأَصَحِّ. وَقِيلَ: عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ: يَنْعَقِدُ قَطْعًا. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرِ مِنِّي، فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ، قَالَ فِي «التَّهْذِيبِ» : هُوَ كَالصُّورَةِ السَّابِقَةِ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَنْعَقِدُ قَطْعًا. وَلَوْ قَالَ: أَتَبِيعُنِي عَبْدَكَ بِكَذَا، أَوْ قَالَ: بِعْتَنِي بِكَذَا، فَقَالَ: بِعْتُ، لَمْ يَنْعَقِدْ، حَتَّى يَقُولَ بَعْدَهُ: اشْتَرَيْتُ. وَكَذَا لَوْ قَالَ الْبَائِعُ: أَتَشْتَرِي دَارِيَ؟ أَوِ اشْتَرَيْتَ مِنِّي؟ فَقَالَ: اشْتَرَيْتُ، لَا يَنْعَقِدُ حَتَّى يَقُولَ بَعْدَهُ: بِعْتُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute