نَفَذَ فِي حَقِّ الْفُضُولِيِّ. وَلَوْ قَالَ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ فِي ذِمَّتِهِ، فَهُوَ كَاشْتِرَائِهِ بِعَيْنِ مَالِ الْغَيْرِ. وَلَوِ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ: اشْتَرَيْتُ لِفُلَانٍ بِأَلْفٍ، وَلَمْ يُضِفِ الثَّمَنَ إِلَى ذِمَّتِهِ، فَعَلَى الْجَدِيدِ: وَجْهَانِ.
أَحَدُهُمَا: يَلْغُو الْعَقْدُ، وَالثَّانِي: يَقَعُ عَنِ الْمُبَاشِرِ. وَعَلَى الْقَدِيمِ: يَقِفُ عَلَى إِجَازَةِ فُلَانٍ، فَإِنْ رَدَّ، فَفِيهِ الْوَجْهَانِ. وَلَوِ اشْتَرَى شَيْئًا لِغَيْرِهِ بِمَالِ نَفْسِهِ، نَظَرَ، إِنْ لَمْ يُسَمِّهُ، وَقَعَ الْعَقْدُ عَنِ الْمُبَاشِرِ، سَوَاءٌ أَذِنَ ذَلِكَ الْغَيْرُ، أَمْ لَا. وَإِنْ سَمَّاهُ، نَظَرَ، إِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ، لَغَتِ التَّسْمِيَةُ. وَهَلْ يَقَعُ عَنْهُ، أَمْ يَبْطُلُ؟ وَجْهَانِ. وَإِنْ أَذِنَ لَهُ، فَهَلْ تَلْغُو التَّسْمِيَةُ؟ وَجْهَانِ. فَإِنْ قُلْنَا: نَعَمْ، فَهَلْ يَبْطُلُ مِنْ أَصْلِهِ، أَمْ يَقَعُ عَنِ الْمُبَاشِرِ؟ فِيهِ الْوَجْهَانِ. وَإِنْ قُلْنَا: لَا، وَقَعَ عَنِ الْآذِنِ. وَهَلْ يَكُونُ الثَّمَنُ الْمَدْفُوعُ قَرْضًا، أَمْ هِبَةً؟ وَجْهَانِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَحَيْثُ قُلْنَا بِالْقَدِيمِ، فَشَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ لِلْعَقْدِ مُجِيزٌ فِي الْحَالِ، مَالِكًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ. حَتَّى لَوْ أَعْتَقَ عَبْدَ الطِّفْلِ، أَوْ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ، لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى إِجَازَتِهِ بَعْدَ الْبُلُوغِ، وَالْمُعْتَبَرُ إِجَازَةُ مَنْ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ عِنْدَ الْعَقْدِ. حَتَّى لَوْ بَاعَ مَالَ الطِّفْلِ، فَبَلَغَ وَأَجَازَ، لَمْ يَنْفُذْ، وَكَذَا لَوْ بَاعَ مَالَ الْغَيْرِ، ثُمَّ مَلَكَهُ وَأَجَازَ، قَالَ إِمَامُ الْحَرَمَيْنِ: لَمْ يَعْرِفِ الْعِرَاقِيُّونَ هَذَا الْقَوْلَ الْقَدِيمَ، وَقَطَعُوا بِالْبُطْلَانِ.
قُلْتُ: قَدْ ذَكَرَ هَذَا الْقَدِيمَ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ، الْمَحَامِلِيُّ فِي «اللُّبَابِ» ، وَالشَّاشِيُّ، وَصَاحِبُ «الْبَيَانِ» ، وَنُصَّ عَلَيْهِ فِي «الْبُوَيْطِيِّ» ، وَهُوَ قَوِيٌّ، وَإِنْ كَانَ الْأَظْهَرُ عِنْدَ الْأَصْحَابِ هُوَ الْجَدِيدُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ:
لَوْ غَصَبَ أَمْوَالًا وَبَاعَهَا وَتَصَرَّفَ فِي أَثْمَانِهَا مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، فَقَوْلَانِ. أَظْهَرُهُمَا: بُطْلَانُ الْجَمِيعِ. وَالثَّانِي: لِلْمَالِكِ أَنْ يُجِيزَهَا وَيَأْخُذَ الْحَاصِلَ مِنْهَا، لِعُسْرِ تَتَبُّعِهَا بِالْإِبْطَالِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute