«التَّهْذِيبِ» . وَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَهُ وَهُوَ مُعْسِرٌ، فَلَا، وَمِنْهُمْ مَنْ طَرَدَ الْخِلَافَ الْآتِيَ فِي الْمُوسِرِ، وَحَكَمَ بِالْخِيَارِ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ إِنْ صَحَّحْنَا. وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، فَالْأَظْهَرُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ. وَقِيلَ: لَا يَصِحُّ قَطْعًا. وَقِيلَ: مَوْقُوفٌ. فَإِنْ فَدَاهُ، نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا. فَإِنْ لَمْ نُصَحِّحِ الْبَيْعَ، فَالسَّيِّدُ عَلَى خِيرَتِهِ، إِنْ شَاءَ فَدَاهُ، وَإِلَّا، فَيُسَلِّمُهُ لِيُبَاعَ فِي الْجِنَايَةِ. وَإِنْ صَحَّحْنَاهُ، فَالسَّيِّدُ مُلْتَزِمٌ لِلْفِدَاءِ بِبَيْعِهِ مَعَ الْعِلْمِ بِجِنَايَتِهِ، فَيُجْبَرُ عَلَى تَسْلِيمِ الْفِدَاءِ، كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ أَوْ قَتَلَهُ. وَقِيلَ: هُوَ عَلَى خِيرَتِهِ، إِنْ فَدَى، أَمْضَى الْبَيْعَ، وَإِلَّا، فَسَخَ. وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مُلْتَزِمٌ لِلْفِدَاءِ. فَإِنْ تَعَذَّرَ تَحْصِيلُ الْفِدَاءِ أَوْ تَأَخَّرَ لِإِفْلَاسِهِ أَوْ غَيْبَتِهِ أَوْ صَبْرِهِ عَلَى الْحَبْسِ، فُسِخَ الْبَيْعُ، وَبِيعَ فِي الْجِنَايَةِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ سَبَقَ حَقَّ الْمُشْتَرِي. هَذَا كُلُّهُ إِذَا أَوْجَبَتِ الْجِنَايَةُ الْمَالَ، لِكَوْنِهَا خَطَأً، أَوْ شِبْهَ عَمْدٍ، أَوْ عَفَا مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ عَلَى مَالٍ، أَوْ أَتْلَفَ الْعَبْدُ مَالًا. أَمَّا إِذَا أَوْجَبَتْ قِصَاصًا وَلَا عَفْوَ، فَالْمَذْهَبُ صِحَّةُ الْبَيْعِ كَبَيْعِ الْمَرِيضِ الْمُشْرِفِ عَلَى الْمَوْتِ. وَقِيلَ: فِيهِ الْقَوْلَانِ. وَإِذَا اخْتَصَرْتَ، قُلْتَ: الْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بَيْعُهُ إِنْ تَعَلَّقَ بِرَقَبَتِهِ مَالٌ، وَيَصِحُّ إِنْ تَعَلَّقَ بِهِ قِصَاصٌ. وَلَوْ أَعْتَقَ الْجَانِي، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا، لَمْ يَنْفُذْ عَلَى الْأَظْهَرِ. وَقِيلَ: لَا يَنْفُذُ قَطْعًا. وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا، نَفَذَ عَلَى أَظْهَرِ الْأَقْوَالِ. وَالثَّالِثُ: مَوْقُوفٌ. إِنْ فَدَاهُ، نَفَذَ، وَإِلَّا، فَلَا. وَاسْتِيلَادُ الْجَانِيَةِ، كَإِعْتَاقِهَا. وَمَتَى فَدَى السَّيِّدُ الْجَانِي، فَالْأَظْهَرُ: أَنَّهُ يَفْدِيهِ بِأَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ مِنَ الْأَرْشِ وَقِيمَةِ الْعَبْدِ. وَالثَّانِي: يَتَعَيَّنُ الْأَرْشُ وَإِنْ كَثُرَ.
قُلْتُ: وَلَوْ وَلَدَتِ الْجَارِيَةُ، لَمْ يَتَعَلَّقِ الْأَرْشُ بِالْوَلَدِ قَطْعًا، ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ فِي «نَمَاءِ الرَّهْنِ» . وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الشَّرْطُ الْخَامِسُ: كَوْنُ الْمَبِيعِ مَعْلُومًا. وَلَا يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، بَلْ يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِعَيْنِ الْمَبِيعِ وَقَدْرِهِ وَصِفَتِهِ. أَمَّا الْعَيْنُ، فَمَعْنَاهُ: أَنَّهُ لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ عَبْدًا مِنَ الْعَبِيدِ، أَوْ أَحَدَ عَبْدَيَّ أَوْ عَبِيدِي هَؤُلَاءِ، أَوْ شَاةً مِنْ هَذَا الْقَطِيعِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute