الْمُكَسَّرِ، فَلَا يَصِحُّ. وَعَلَى هَذَا الْقِيَاسِ، لَوْ كَانَ الْمَعْهُودُ، أَنْ يُؤْخَذَ نِصْفُ الثَّمَنِ مِنْ هَذَا، وَنِصْفُهُ مِنْ ذَاكَ، أَوْ أَنْ يُؤْخَذَ عَلَى نِسْبَةٍ أُخْرَى، فَالْبَيْعُ صَحِيحٌ مَحْمُولٌ عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَ يُعْهَدُ التَّعَامُلُ بِهَذَا مَرَّةً، وَبِهَذَا مَرَّةً، وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ، صَحَّ الْبَيْعُ، وَسَلَّمَ مَا شَاءَ مِنْهُمَا. وَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا تَفَاوُتٌ بَطَلَ الْبَيْعُ كَمَا لَوْ كَانَ فِي الْبَلَدِ نَقْدَانِ غَالِبَانِ وَأُطْلِقَ. وَلَوْ قَالَ: بِعْتُ بِأَلْفٍ صِحَاحٍ وَمُكَسَّرَةٍ، فَوَجْهَانِ. أَصَحُّهُمَا: الْبَيْعُ بَاطِلٌ. وَالثَّانِي: أَنَّهُ صَحِيحٌ وَيُحْمَلُ عَلَى التَّنْصِيفِ. وَيُشْبِهُ أَنْ يَجْرِيَ هَذَا الْوَجْهُ فِيمَا إِذَا قَالَ: بِعْتُ بِأَلْفٍ ذَهَبًا وَفِضَّةً.
قُلْتُ: لَا جَرَيَانَ لَهُ هُنَاكَ، وَالْفَرْقُ كَثْرَةُ التَّفَاوُتِ بَيْنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَيَعْظُمُ الْغَرَرُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
فَرْعٌ:
لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ بِدِينَارٍ صَحِيحٍ، فَجَاءَ بِصَحِيحَيْنِ وَزْنُهُمَا مِثْقَالٌ، لَزِمَهُ الْقَبُولُ؛ لِأَنَّ الْغَرَضَ لَا يَخْتَلِفُ بِذَلِكَ. وَإِنْ جَاءَ بِصَحِيحٍ وَزْنُهُ مِثْقَالٌ وَنِصْفٌ، قَالَ فِي «التَّتِمَّةِ» : لَزِمَهُ قَبُولُهُ، وَالزِّيَادَةُ أَمَانَةٌ فِي يَدِهِ. وَالصَّوَابُ: أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ الْقَبُولُ، لِمَا فِي الشَّرِكَةِ مِنَ الضَّرَرِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي «الْبَيَانِ» نَحْوُ هَذَا، فَلَوْ تَرَاضَيَا بِهِ، جَازَ. وَحِينَئِذٍ لَوْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا كَسْرَهُ، وَامْتَنَعَ الْآخَرُ، لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ، لِمَا فِي هَذِهِ الْقِسْمَةِ مِنَ الضَّرَرِ. وَلَوْ بَاعَ بِنِصْفِ دِينَارٍ صَحِيحٍ بِشَرْطِ كَوْنِهِ مُدَوَّرًا، جَازَ إِنْ كَانَ يَعُمُّ وُجُودُهُ. وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ، فَعَلَيْهِ شَقٌّ وَزْنُهُ نِصْفُ مِثْقَالٍ. فَإِنْ سَلَّمَ إِلَيْهِ صَحِيحًا أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ مِثْقَالٍ وَتَرَاضَيَا بِالشَّرِكَةِ فِيهِ، جَازَ. وَلَوْ بَاعَهُ شَيْئًا بِنِصْفِ دِينَارٍ صَحِيحٍ، ثُمَّ بَاعَهُ شَيْئًا آخَرَ بِنِصْفِ دِينَارٍ صَحِيحٍ، فَإِنْ سَلَّمَ صَحِيحًا عَنْهُمَا، فَقَدْ زَادَ خَيْرًا، وَإِنْ سَلَّمَ قِطْعَتَيْنِ وَزْنُ كُلِّ وَاحِدَةٍ نِصْفُ دِينَارٍ، جَازَ. فَلَوْ شَرَطَ فِي الْعَقْدِ الثَّانِي تَسْلِيمَ صَحِيحٍ عَنْهُمَا، فَالْعَقْدُ الثَّانِي فَاسِدٌ، وَالْأَوَّلُ مَاضٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute