فَرْعٌ:
هَذَا الَّذِي سَبَقَ، هُوَ فِيمَا إِذَا كَانَ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ، فَأَمَّا إِذَا كَانَ مُعَيَّنًا، فَلَا تُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ قَدْرِهِ بِالْكَيْلِ وَالْوَزْنِ. فَلَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ، أَوْ بِعْتُكَ بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ، صَحَّ وَتَكْفِي الْمُشَاهَدَةُ، لَكِنْ هَلْ يُكْرَهُ بَيْعُ الصُّبْرَةِ جُزَافًا؟ قَوْلَانِ.
قُلْتُ: أَظْهَرُهُمَا: يُكْرَهُ، وَقَطَعَ بِهِ جَمَاعَةٌ، وَكَذَا الْبَيْعُ بِصُبْرَةِ الدَّرَاهِمِ مَكْرُوهٌ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَوْ كَانَتِ الصُّبْرَةُ عَلَى مَوْضِعٍ مِنَ الْأَرْضِ فِيهِ ارْتِفَاعٌ وَانْخِفَاضٌ، أَوْ بَاعَ السَّمْنَ أَوْ نَحْوَهُ فِي ظَرْفٍ مُخْتَلِفِ الْأَجْزَاءِ رِقَّةً وَغِلَظًا، فَثَلَاثُ طُرُقٍ. أَصَحُّهَا: أَنَّ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ قَوْلَيْ بَيْعِ الْغَائِبِ، وَالثَّانِي: الْقَطْعُ بِالصِّحَّةِ، وَالثَّالِثُ: الْقَطْعُ بِالْبُطْلَانِ، وَهُوَ ضَعِيفٌ وَإِنْ كَانَ مَنْسُوبًا إِلَى الْمُحَقِّقِينَ. فَإِنْ قُلْنَا: بِالصِّحَّةِ فَوَقْتُ الْخِيَارِ هُنَا مَعْرِفَةُ مِقْدَارِ الصُّبْرَةِ، أَوِ التَّمَكُّنُ مِنْ تَخْمِينِهِ بِرُؤْيَةِ مَا تَحْتَهَا، وَإِنْ قُلْنَا: بِالْبُطْلَانِ، فَلَوْ بَاعَ الصُّبْرَةَ وَالْمُشْتَرِي يَظُنُّهَا عَلَى اسْتِوَاءِ الْأَرْضِ، ثُمَّ بَانَ تَحْتَهَا دَكَّةٌ، فَهَلْ نَتَبَيَّنُ بُطْلَانَ الْعَقْدِ؟ وَجْهَانِ: أَصَحُّهُمَا: لَا، وَلَكِنْ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ، كَالْعَيْبِ وَالتَّدْلِيسِ، وَبِهِ قَطَعَ صَاحِبُ «الشَّامِلِ» وَغَيْرُهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
لَوْ قَالَ: بِعْتُكَ هَذِهِ الصُّبْرَةَ إِلَّا صَاعًا، فَإِنْ كَانَتْ مَعْلُومَةَ الصِّيعَانِ، صَحَّ، وَإِلَّا، فَلَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute